responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 9  صفحه : 9
اي الله عزل وجلَّ {رِزْقَهُ} بإمساكِ المطرِ وسائرِ مباديهِ كالذي مرَّ تفصيلُه خَلا أنَّ قولَه تعالَى {بَل لَّجُّواْ فِى عُتُوّ وَنُفُورٍ} منبىءٌ عن مقدَّرٍ يستدعيهِ المقامُ كأنَّه قيلَ إثرَ تمامِ التبكيتِ والتعجيزِ لم يتأثَّروا بذلكَ ولم يُذعنُوا للحقِّ بل لجُّوا وتمادَوا في عتوَ أي عنادٍ واستكبارٍ وطغيانٍ ونفورٍ أيْ شرادٍ عن الحقِّ وقولُه تعالَى

{أَفَمَن يَمْشِى مُكِبّاً على وَجْهِهِ أهدى} الخ مثلٌ ضُرِبَ للمشركِ والموحدِ توضيحاً لحالهما وتحقيقا لشأن مذهبهما والفاءُ لترتيبِ ذلكَ على ما ظهرَ من سوءِ حالِهِم وخرورِهِم في مهاوِي الغرورِ وركوبِهِم متنَ عشواءِ العتوِّ والنفورِ وعدمِ اهتدائِهِم في مسلكِ المُحاجَّةِ إلى جهةٍ يتوهمُ فيها رشدٌ في الجملةِ فإنَّ تقدمَ الهمزةِ عليها صورةً إنَّما هُو لاقتضائِهَا الصدارةَ وأما بحسبِ المعنى فالأمرُ بالعكسِ كَمَا هو المشهورُ حتَّى لو كانَ مكانُ الهمزةِ هلْ لقيلَ فهَلْ مَنْ يمشِي مُكباً الخ والمُكِبُّ الساقطُ على وجهِهِ يقالُ أكبَّ خرَّ على وجهِهِ وحقيقته صار ذاكب ودخلَ في الكبِّ كأقشعَ الغمام اي صار ذاقشع والمَعْنَى أفمنْ يمشِي وهو يعثرُ في كلِّ ساعةٍ ويخرُّ على وجهِهِ في كلِّ خُطوةٍ لتوعرِ طريقِه واختلالِ قُواه أهدَى إلى المقصد الذي يؤمه {أم من يَمْشِى سَوِيّاً} أي قائماً سالماً من الخبطِ والعثارِ {على صراط مُّسْتَقِيمٍ} مستوِي الأجزاءِ لا عِوَجَ فيهِ ولا انحرافَ قيلَ خبرٌ من الثانيةِ محذوفٌ لدلالةِ خبرِ الأُولَى عليهِ ولا حاجةَ إلى ذلكَ فإنَّ الثَّانيةَ معطوفةٌ على الأُولى عطف المفرد على المفردِ كقولِكَ أزيدٌ أفضلُ أم عمروٌ وقيل أُريدَ بالمكبِّ الأَعْمَى وبالسويِّ البصيرُ وقيلَ من يمشِي مُكباً هو الذي يُحشرُ على وجهِهِ إلى النَّارِ ومَنْ يمشِي سوياً الذي يُحشرُ على قدميهِ إلى الجنَّةِ

{قُلْ هُوَ الذى أَنشَأَكُمْ} إنشاءً بديعاً {وَجَعَلَ لَكُمُ السمع} لتسمعُوا آياتِ الله وتمتثلُوا بما فيهَا من الأوامرِ والنواهِي وتتعظُوا بمواعظِهَا {والأبصار} لتنظرُوا بها إلى الآياتِ التكوينيةِ الشاهدةِ بشؤون الله عزَّ وجلَ {والأفئدة} لتتفكَّروا بهَا فيمَا تسمعونَهُ وتشاهدونَهُ من الآياتِ التنزيليةِ والتكوينيةِ وترتقُوا في معارجِ الإيمانِ والطاعةِ {قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} أي باستعمالِهَا فيما خُلقتْ لأجله من الأمورِ المذكورةِ وقليلاً نعتٌ لمحذوفٍ وما مزيدةٌ لتأكيدِ القِلة أيُ شكراً قليلاً أو زماناً قليلاً تشكرونَ وقيلَ القِلةُ عبارةٌ عن العدمِ

{قُلْ هُوَ الذى ذَرَأَكُمْ فِى الأرض} أي خلقكُم وكثركُم فيهَا لا غيرُهُ {وإليه تحشرون} للجزاء لا إلى غيرِهِ اشتراكاً أو استقلالاً فابنُوا أمورَكُم على ذلكَ

{وَيَقُولُونَ} من فَرْط عتوِّهم وعِنادِهم {متى هذا الوعد} أيِ الحشرُ الموعودُ كما ينبىء عنه قوله تعالى وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ {إِن كُنتُمْ صادقين} يخاطبونَ بهِ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم والمؤمنين حيث كانوا

نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 9  صفحه : 9
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست