نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 7 صفحه : 188
{بَلْ هُمُ اليوم مُسْتَسْلِمُونَ} مُنقادون خاضعُون لظهورِ عجزهم وانسدادِ بابِ الحِيلِ عليهم أو أسلم بعضُهم بعضاً وخذله عن عجزٍ فكلُّهم مستسلم غيرُ منتصرٍ
{وَأَقْبَلَ} حينئذٍ {بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ} هم الأتباعُ والرؤساء أو الكفرةُ والقُرناء {يَتَسَاءلُونَ} يسألُ بعضُهم بعضاً سؤالَ توبيخٍ بطريقِ الخصومةِ والجدالِ
{قَالُواْ} استئنافٌ وقع جوابا عن سؤالٍ نشأَ من حكايةِ تساؤلهم كأنَّه قيل كيف تساءلوا فقيلَ قالوا أي الأتباعُ للرُّؤساء أو الكلُّ للقرناءِ {إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا} في الدُّنيا {عَنِ اليمين} عن أقوى الوجوهِ وأمتنِها أو عن الدِّينِ أو عن الخيرِ كأنَّكم تنفعوننا نفعَ السائح فتبعناكم فهلكنا مستعارٌ من يمينِ الإنسانِ الذي هو أشرفُ الجانبينِ وأقواهما وأنفعُهما ولذلك سُمِّي يميناً ويُتيمَّن بالسائح أو عن القوَّة والقَسْر فتقسروننا على الغَيِّ وهو الأوفقُ للجوابِ أو عن الحلفِ حيثُ كانُوا يحلفون انهم على الحق
{وَقِفُوهُمْ} احبِسُوهم في الموقف كأنَّ الملائكة سارعُوا ألى مَا أُمروا بهِ من حشرِهم إلى الجحيم فأُمروا بذلك وعُلِّل بقوله تعالى {إنهم مسؤولون} إيذانا من أولِ الأمرِ بأنْ ذلك ليس للعفو عنهم ولا ليستريحُوا بتأخيرِ العذابِ في الجملة بل ليُسألوا لكن لا عن عقائدهم وأعمالهم كما قيل فإنَّ ذلك قد وقع قبل الأمرِ بهم إلى الجحيمِ بل عمَّا ينطقُ به قوله تعالى
الصافات 23 28 أو من بعضِهم لبعضٍ بحشر الظَّلمةِ من مقامهم إلى الموقفِ وقيل من الموقفِ إلى الجحيمِ {وأزواجهم} أي أشباهَهم ونظراءَهم من العصاة عابد الصم مع عبدته وعابد الكواكب مع عَبَدتهِ كقوله تعالى وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثلاثة وقيل قرناءَهم من الشَّياطينِ وقيل نساءهم اللاتى عل دينهم {وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ}
{من دُونِ الله} مِن الأصنامِ ونحوِها زيادةً في تحسيرهم وتخجيلهم قيل هو عامٌ مخصوصٌ بقوله تعالى إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا الحسنى الآيةَ الكريمةَ وأنت خبيرٌ بأنَّ الموصولَ عبارةٌ عن المشركين خاصَّةً جئ به لتعليل الحكمِ بما في حيِّزِ صلتهِ فلا عمومَ ولا تخصيصَ {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِراطِ الجحيم} أي عرِّفُوهم طريقها ووجِّهوهم إليها وفيه تهكُّمٌ بِهم
{مَا لَكُمْ لاَ تناصرون} بطريق التَّوبيخِ والتَّقريعِ والتَّهكُّمِ أي لا ينصرُ بعضُكم بعضاً كما كنتُم تزعمون في الدُّنيا وتأخيرُ هذا السُّؤالِ إلى ذلك الوقتِ لأنَّه وقتُ تنجُّزِ العذابِ وشدَّةِ الحاجةِ إلى النُّصرةِ وحالة انقطاعِ الرَّجاءِ عنها بالكُلِّية فالتَّوبيخُ والتَّقريعُ حينئذٍ اشد وقعا وتأثيرا وقرئ لا تَتَناصرون ولا تنَّاصرُون بالإدغامِ
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 7 صفحه : 188