نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 7 صفحه : 14
{وجعلناهم} أي صيَّرناهم في عهدِهم {أَئِمَّةً يَدْعُونَ} النَّاسَ {إِلَى النار} إلى ما يُؤدِّي إليها من الكفرِ والمَعَاصي أي قدوةً يَقتِدي بهم أَهلُ الضَّلالِ لمَّا صرفُوا اختيارَهم إلى تحصيلِ تلك الحالة وقيل
{وقال فرعون يا أيها الملأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إله غَيْرِى} قاله اللعينُ بعدَ ما جمعَ السَّحرةَ وتصدَّى للمُعارضةِ فكانَ من أمِرهم ما كانَ {فَأَوْقِدْ لي يا هامان عَلَى الطين} أي أصنعْ آجرَّاً {فاجعل لّى} منه {صَرْحاً} أي قصراً رفيعاً {لَّعَلّى أَطَّلِعُ إلى إله موسى} كأنَّه توهَّم أنَّه لو كان لكان جسماً في السَّماءِ يمكن الرُّقيُّ إليه ثم قال {وَإِنّى لاظُنُّهُ مِنَ الكاذبين} أو أرادَ أنْ يبنيَ له رَصَداً يترصَّدُ منه أوضاعَ الكواكبِ فيرى هل فيها ما يدلُّ على بعثةِ رسولٍ وتبدلِ دولتِه وقيل المراد بنفى العلم نفى المعلومِ كما في قولِه تعالى {قُلْ أَتُنَبّئُونَ الله بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِى السماوات وَلاَ فِى الارض} فإنَّ معناهُ بما ليس فيهنَّ وهذا من خواصِّ العلومِ الفعليةِ فإنَّها لازمةٌ لتحققِ معلوماتِها فيلزم من انتفائِها انتفاءُ معلوماتِها ولا كذلكَ العلومُ الانفعاليةُ قيل أولُ من اتَّخذَ الآجرَّ فرعونُ ولذلك أُمرِ باتخاذِه على وجهٍ يتضمَّنُ تعليمَ الصَّنعةِ مع ما فيه من تعظيم ولذلك نادى هامانَ باسمهِ بيافي وسطِ الكلامِ
يريد به نفسه وقرئ قال بغير واولانه جوابٌ عن مقالِهم ووجهُ العطفِ أنَّ المرادَ حكايةُ القولينِ ليوازنَ السَّامعُ بينهما فيميِّز صحيحَهما من الفاسدِ {وَمَن تَكُونُ لَهُ عاقبة الدار} أي العاقبةُ المحمودُة في الدَّارِ وهي الدُّنيا وعاقبتُها الأصليةُ هي الجَّنة لأنَّها خُلقتْ مجازاً إلى الآخرةِ ومزرعة لها والمقصودُ بالذاتِ منها الثَّوابُ وأمَّا العقابُ فمن نتائجِ أعمالِ العصاه وسيئات الغواة وقرئ يكونُ بالياءِ التحتانيَّةِ {إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون} أي لا يفوزونَ بمطلوبٍ ولا ينجون عن محذُورٍ
{فأخذناه وَجُنُودَهُ} عقيبَ ما بلغُوا من الكفرِ والعتُوِّ أقصى الغاياتِ {فنبذناهم فِى اليم} قدمر تفصيلُه وفيه من تفخيمِ شأنِ الأخذِ وتهويلِه واستحقارِ المأخوذينَ المنبوُذينَ ما لا يخفى كأنَّه تعالى أخذَهم مع كثرتِهم في كفَ وطرحَهم في البحرِ ونظيُره قولُه تعالى وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ والارض جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامة والسموات مطويات بِيَمِينِهِ {فانظر كَيْفَ كَانَ عاقبة الظالمين} وبيَّنها للنَّاسِ ليعتبرُوا بها