نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 6 صفحه : 9
{فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا} أي عن ذكر الساعةِ ومراقبتِها وقيل عن تصديقها والأولُ هو الأليقُ بشأن موسى عليه الصلاة والسلام وإن كان النهيُ بطريق التهييجِ والإلهاب وتقديمُ الجارِّ والمجرور على قوله تعالى {مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا} لما مر مرارا من الاهتمام بالمقدم والتشويقِ إلى المؤخَّر فإنَّ ما حقُّه التقديمُ إذا أُخِّر تبقى النفس مستشرقة لهُ فيتمكنُ عندَ ورودِه لها فضلُ تمكنٍ ولأن في المؤخر نوعَ طولٍ ربما يُخِلّ تقديمُه بجزاله النظمِ الكريم وهذا وإن كان بحسب الظاهر نهيا للكافر عن صد موسى عليه الصلاة والسلام عن الساعة لكنه في الحقيقة نهيٌ له عليه الصلاة والسلام عن الانصداد عنها على أبلغِ وجهٍ وآكدِه فإن النهي عن أسباب الشيء ومباديه المؤديةِ إليه نهيٌ عنه بالطريق البرهاني وإبطال للسبية من أصلها كما في قوله تعالى وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ الخ فإن صدَّ الكافر حيث كان سبباً لانصداده عليه الصَّلاة والسَّلام كان النهيُ عنه نهياً بأصله وموجِبه وإبطالاً له بالكلية ويجوزُ أنْ يكونَ مَنْ باب النهي عن المسبَّب وإرادةِ النهي عن السبب على أن يراد نهيُه عليه الصلاة والسلام عن إظهار لينِ الجانبِ للكفرة فإن ذلك سببٌ لصدّهم إياه عليه الصلاة والسلام كما في قوله لا أرينك ههنا فإن المراد به نهيُ المخاطب عن الحضور لديه الموجبِ لرؤيته {واتبع هَوَاهُ} أي ما تهواه نفسه من اللذات الحسية الفانية {فتردى} أي فتهلِكَ فإن الإغفالَ عنها وعن تحصيل ما ينجِّي عن أهوالها مستتبِعٌ للهلاك لا محالة وهو في محل النصبِ على جواب النهي أو في محلِ الرفعِ على أنه خبر مبتدأ محذوف أي فأنت تردى
{وما تلك بيمينك يا موسى} شروعٌ في حكاية ما كلف به عليه الصلاة والسلام من الأمور المتعلقةِ بالخلق إثرَ حكايةِ ما أُمر بهِ من الشؤون الخاصة بنفسه فما استفهاميةٌ في حيز الرفعِ بالابتداء وتلك خبرُه أو بالعكس وهو أدخلُ بحسب المعنى وأوفقُ بنفسه فما استفهاميةٌ في حيز الرفعِ بالابتداء وتلك خبرُه أو بالعكس وهو أدخلُ بحسب المعنى وأوفقُ بالجواب وبيمينك متعلِّقٌ بمُضْمَرٍ وقعَ حالاً أي وما تلك قارّةً أو مأخوذةً بيمينك والعاملُ معنى الإشارةِ كما في قوله عز وعلا وهذا بَعْلِى شَيْخًا وقيل تلك موصولةٌ أي ما التي هي بيمينك وأيا ما كان فالاستفهامُ
طه 16 17 اقتراف ما يُرديها من المعاصي وعليه مدارُ الأمر في قولِه تعالى وَهُوَ الذى خَلَقَ السموات والأرض فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً فإن الابتلاء مع شموله لكافة المكلفين باعتبارِ أعمالهِم المنقسمةِ إلى الحسنِ والقبيحِ أيضاً لا إلى الحسنِ والأحسنِ فقطْ قد عُلّق بالأخيرين لما ذكر من أن المقصودَ الأصليَّ من إبداع تلك البدائعِ على ذلك النمطِ الرائعِ إنما هو ظهورُ كمالِ إحسانِ المحسنين وأن ذلك لكونه على أتم الوجوهِ الرائقةِ وأكملِ الأنحاءِ اللائقةِ يوجب العملَ بموجبه بحيث لا يَحيدُ أحدٌ عن سَننه المستبينِ بل يهتدي كلُّ فردٍ إلى ما يُرشد إليه من مطلق الإيمانِ والطاعةِ وإنما التفاوتُ بينهم في مراتبهما بحسب القوة والضعفِ وأما الإعراضُ عن ذلكَ والوقوعُ في مهاوي الضلالِ فبمعزل من الوقوعِ فضلاً عن أن ينتظم في سلك الغايةِ لذلك الصنعِ البديعِ وإنَّما هُو عملٌ يصدُر عن عاملِهِ بسوءِ اختيارِه من غيرِ مصحِّحٍ لهُ أو مسوِّغ هذا ويجوز أن يُراد بالسعي مطلقُ العمل
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 6 صفحه : 9