نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 6 صفحه : 72
{قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وآباؤكم} الذين سنوا للكم هذه السنةَ الباطلة {فِى ضلال} عجيبٍ لا يقادَر قدرُه {مُّبِينٌ} أي ظاهر بيّن بحيثُ لا يَخْفى على أحد من العقلاء كونُه كذلك ومعنى كنتم مطلقُ استقرارِهم على الضلال لا استقرارُهم الماضي الحاصلِ قبل زمانِ الخطاب المتناولِ لهم ولآبائهم أي والله لقد كنتم مستقرين على ضلال عظيم
{قالوا وجدنا آباءنا لَهَا عابدين} أجابوا بذلك لما أن مآلَ سؤاله عليه السلام الاستفسارُ عن سبب عبادتِهم لها كما ينبىء عنه وصفُه عليه السلام إياهم بالعكوف لها كأنه قال ما هي هل تستحق ما تصنعون من العكوف عليها فلما لم يكن لهم ملجأٌ يعتدّ به التجأوا إلى التقليد فأبطله عليه السلام على طريقة التوكيد القسمي حيث
{إذ قال لابيه وقومه} ظرفٌ لآتينا على أنه وقت متّسعٌ وقع فيه الإيتاءُ وما ترتب عليه من أفعاله وأقواله وقيل مفعولٌ لمضمر مستأنَفٍ وقع تعليلاً لما قبله أي اذكر وقتَ قولِه لهم {مَا هذه التماثيل التى أَنتُمْ لَهَا عاكفون} لتقف على كمال رشدِه وغايةِ فضله والتِمثالُ اسمٌ لشيء مضنوع مشبَّهٍ بخلق من خلائق الله تعالى وهذا تجاهلٌ منه عليه السلام حيث سألهم عن أصنامهم بما التي يُطلب بها بيانُ الحقيقة أو شرحُ الاسم كأنه لا يعرف أنها مذا مع إحاطته بأن حقيقتها حجرٌ أو شجرٌ اتخذوها معبوداً وعبّر عن عبادتهم لها بمطلق العكُوف الذي هو عبارةٌ عن اللزوم والاستمرار على الشيء لغرض من الأغراض قصداً إلى تحقيرها وإذلالها وتوبيخاً لهم على إجلالها واللام في لها للاختصاص دون التعديةِ وإلا لجيء بكلمة على والمعنى أنتم فاعلون العكوفَ لها وقد جُوّز تضمينُ العكوف معنى العبادة كما ينبىء عنه قوله تعالى
من يُتذكّر وُصف بالوصف الأخير للتوراة لمناسبة المقام وموافقتِه لما مر في صدرِ السورةِ الكريمةِ {مُّبَارَكٌ} كثيرُ الخير غزيز النفع يُتبرّك به {أنزلناه} إما صفةٌ ثانية لذكر أو خبر آخر {أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ} إنكارٌ لإنكارهم بعد ظهرو كون إنزالِه كإيتاء التوراة كأنه قيل أبعد أن علِمتم أن شأنَه كشأن التوراة في الإيتاء والإيحاءِ أنتم منكرون لكونه منزّلاً من عندنا فإن ذلك بعد ملاحظةِ حالِ التوراة مما لا مساغَ له أصلا
{ولقد آتينا إبراهيم رُشْدَهُ} أي الرشدَ اللائقَ به وبأمثاله من الرسل الكبارِ وهو الاهتداءُ الكاملُ المستند إلى الهداية الخاصةِ الحاصلةِ بالوحي والاقتدار على إصلاح الأمةِ باستعمال النواميسِ الإلهية وقرىء رَشَدَه وهما لغتان كالخزن والحَزَن {مِن قَبْلُ} أي من قبل إيتاءِ موسى وهارونَ التوراةَ وتقديمُ ذكر إيتائها لما بينه وبين إنزال القرآن من الشبه التامّ وقيل من قبل استنبائِه أو قبلَ بلوغِه ويأباه المقام {وَكُنَّا بِهِ عالمين} أي بأنه أهلٌ لما آتيناه وفيه من الدليل على لنه تعالى عالم بالجزئيات مخار في أفعاله ما لا يخفى
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 6 صفحه : 72