نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 6 صفحه : 45
{فَقُلْنَا} عَقيبَ ذلك اعتناءً بنصحه {يا آدم إِنَّ هذا} الذي رأيتَ ما فعل {عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا} أي لا يكونَنّ سبباً لإخراجكما مِنَ الجنة والمرادُ نهيُهما عن أن يكونا بحيث يستبب الشيطانُ إلى إخراجهما منها بالطريق البرهاني كما في قولك لا ارينك ههنا والفاءُ لترتيب موجبِ النهى على عداوته لهما أو على الإخبار بها فتشقى جوابٌ للنهي وإسنادُ الشقاء إليه خاصةً بعد تعليقِ الإخراجِ الموجبِ له بهما معاً لأصالته في الأمور واستلزامِ شقائِه لشقائها مع ما فيه من مراعاة الفواصل وقيل المرادُ بالشقاء التعب في تحصيل مبادئ المعاشِ وذلك من وظائف الرجال
{إن لك ألا تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تعرى} {وأنك لا تظمأ فِيهَا وَلاَ تضحى} تعليلٌ لما يوجبه النهيُ فإن اجتماعَ أسبابِ الراحة فيها ممَّا يوجبّ المبالغةَ في الإهتمام بتحصيل
{وَإِذْ قُلْنَا للملائكة اسجدوا لاِدَمَ} شروعٌ في بيان المعود وكيفيةِ ظهور نسيانِه وفُقدانِ عزمِه وإذْ منصوبٌ على المفعوليةِ بمضمرِ خوطبَ به النبيُّ صلى الله عليه وسلم أي واذكر وقتَ قولِنا لهم وتعليقُ الذكر بالوقت مع أن المقصودَ تذكيرُ ما وقع فيه من الحوادث لما مر مرارا من المبالغة في إيجاب ذكرِها فإن الوقتَ مشتملٌ على تفاصيل الأمورِ الواقعةِ فيه فالأمرُ بذكره أمرٌ بذكر تفاصيلِ ما وقع فيه بالطريق البرهانيِّ ولأن الوقتَ مشتملٌ على أعيان الحوادثِ فإذا ذكر صارت الحوادثُ كأنها موجودةٌ في ذهن المخاطب بوجوداتها لعينية أي اذكر ما وقع في ذلك الوقتِ منا ومنه حتى يتبين لك نسيانُه وفقدانُ عزمِه {فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ} قد سبق الكلامُ فيه مراراً {أبى} جملةٌ مستأنفةٌ وقعت جوابا عن سؤال نشأ عن الأخبار بعدم سجودِه كأنه قيل ما بالُه لم يسجُدْ فقيل أبى واستكبر ومفعول أبى إما محذوفٌ أي أبى السجودَ كما قوله تعالى أبى أَن يَكُونَ مَعَ الساجدين أو غيرُ مَنْويَ رأساً بتنزيله منزلة اللازم أي فعل الإباءَ وأظهره
طه 116 119 تصميمَ رأيٍ وثباتَ قدم في المور إذ لو كان كذلك لما أزله الشيطانُ ولَما استطاع أن يغُرّه وقد كان ذلك منه عليه السلام في بدء أمره من قلبل أن يجرّب الأمورَ ويتولّى حارَّها وقارَّها ويذوقَ شَرْيَها وأريها عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم لو وُزنت أحلامُ بني آدمَ بحِلْم آدمَ لرجح حِلْمُه وقد قال الله تعالى وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً وقيل عزماً على الذنب فإنه أخطأ ولم يتعمّد وقوله تعالى وَلَمْ نَجِدْ إن كان من الوجود العلميّ فله عزماً مفعولا قُدّم الثاني على الأول لكونه ظرفاً وإن كان من الوجود المقابلِ للعدم وهو الأنسبُ لأن مصبَّ الفائدةِ هو المفعولُ وليس في الإخبار بكون العزْم المعدومِ له مزيدُ مزيةٍ فله متعلقٌ به قُدّم على مفعوله لما مر مرارا من الاهتمام بالمقدم والتشويق إلى المؤخر أو بمحذوفٍ هو حالٌ من مفعوله المنَكّر كأنه قيل ولم نصادِفْ له عزماً وقوله تعالى
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 6 صفحه : 45