نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 6 صفحه : 37
{قالوا} في جواب هرون عليه السلام {لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ} على العجل وعبادته {عاكفين} مقيمين {حتى يَرْجِعَ إِلَيْنَا موسى} جعلوا رجوعَه عليه السلام إليهم غايةً لعُكوفهم على عبادة العجلِ لكن لا على طريق الوعدِ بتركها عند رجوعِه عليه السلام بل بطريق التعليل والتسويق وقد دسوا تحت ذلك أنه عليه السلام لا يرجِع بشيء مبين تعويلاً على مقالة السامريّ روي أنهم لما قالوه اعتزلهم هرون عليه السلام في اثني عشر ألفاً وهم الذين لم يعبدوا العجل فلما رجع موسى عليه السلام وسمع الصياحَ وكانوا يرقُصون حول العجل قال للسبعين الذين كانوا معه هذا صوتُ الفتنة فقال لهم ما قال وسمع منهم ما قالوا وقولُه تعالى
{قال} استئناف مبني على سؤالٍ نشأَ من حكايةِ جوابهم لهرون عليه السلام كأنَّه قيلَ فماذَا قالَ موسى لهرون عليهما السلام حين سمع جوابهم له وهل رضيَ بسكوته بعد ما شاهد منهم ما شاهد فقيل قال له وهو مغتاظٌ قد أخذ بلحيته ورأسه {يَا هارون مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّواْ} بعبادة العجل وبلغوا من المكابرة إلى أن شافهوك بتلك المقالةِ الشنعاء
طه 91 93 العقولِ أي وبالله لقد نصح لهم هرون ونبّههم على كُنه الأمرِ من قبل رجوعِ موسى عليه السلام إليهم وخطابِه إياهم بما ذكر من المقالات وقيل من قبل قولِ السامري كأنه عليه السلام أو وما أبصره حين طلع من الحفيرة توهم منهم الافتتان به فساع إلى تحذيرهم وقال لهم {يا قوم إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ} أي أُوقِعتم في الفتنة بالعجل أو أُضللتم به على توجيه القصر المستفادِ من كلمة إنما إلى نفس الفعل بالقياس إلى مقابله الذي يدّعيه القومُ لا إلى قيده المذكور بالقياس إلى قيد آخرَ على معنى إنما فُعل بكم الفتنة لا الإرشادُ إلى الحق لا على معنى إنما فتنتم بالعجل لا بغيره وقوله تعالى {وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرحمن} بكسر إن عطفاً على إنما إرشادٌ لهم إلى الحق إثرَ زجرهم عن الباطل والتعرّضُ لعنوان الربوبيةِ والرحمة للاعتناء باستمالتهم إلى الحق كما أن التعرضَ لوصف العجل للاهتمام بالزجر عن الباطل أي إن ربكم المستحقَّ للعبادة هو الرحمن لا غيرُ والفاء في قوله تعالى {فاتبعونى} لترتيب ما بعدها على ما قبلها من مضمون الجملتين أي إذا كان الأمرُ كذلك فاتبعوني في الثبات على الدين {وَأَطِيعُواْ أَمْرِى} هذا واترُكوا عبادةَ ما عرفتم شأنه
(ألا تَتَّبِعَنِ) أي أن تتّبعَني على أن لا تريدة وهو مفعولٌ ثانٍ لمنع وهو عامل في إذ أيُّ شيءٍ منعك حين رؤيتك لضلالهم أن تتبعني في الغضب لله تعالى والمقاتلة مع من كفر به وقيل المعنى ما حملك على أن لا تتبعني فإن المنع عن الشيء مستلزمٌ للحمل على مقابله وقيل ما منعك أن تلحقَني وتُخبرَني بضلالهم فتكونَ مفارقتُك مزْجرةً لهم وفيه أن نصائح هرون عليه السلام حيث لم تزجُرْهم عما كانوا عليه فلأن لا تزجُرَهم مفارقتُه إياهم عنه أولى والاعتذارُ بأنهم إذا علموا أنه يلحقه ويخبره القصة يخافون رجوعَ موسى عليه السلام فينزجروا عن ذلك بمعزل من حيز القبول كيف لا وهم قد صرحوا بأنهم عاكفون عليه إلى حين رجوعه عليه السلام
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 6 صفحه : 37