نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 6 صفحه : 24
طه 58 61 بمثل ما أتى به عليه الصلاة والسلام فقال
{فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مّثْلِهِ} الفاءُ لترتيب ما بعدها على ما قبلها واللامُ جوابُ قسمٍ محذوفٍ كأنَّه قيلَ إذَا كان كذلك فو الله لنأتينك بسحر مثلِ سحرِك {فاجعل بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً} أي وعدا كما ينبئ عنه وصفُه بقوله تعالى {لاَّ نُخْلِفُهُ} فإنه المناسبُ لا المكانُ والزمانُ أي لا نخلف ذلك الوعد {نَحْنُ وَلا أَنتَ} وإنما فوّض اللعينُ أمرَ الوعد إلى موسى عليه الصلاة والسلام للاحتراز عن نسبته إلى ضعف القلب وضيقِ المجال وإظهارِ الجلادة وإراءة أنه متمكّنٌ من تهيئه أسباب المعارضةِ وترتيبِ آلاتِ المغالبة طال الأمدُ أم قصُر كما أن تقديمَ ضميره على ضمير موسى عليه الصلاة والسلام وتوسيطَ كلمةِ النفي بينهما للإيذان بمسارعته إلى عدم الإخلافِ وأن عدم إخلافِه لا يوجب إخلافه عليهِ الصلاةُ والسلامُ ولذلكَ أُكّد النفيُ بتكرير حرفِه وانتصابُ {مَكَاناً سُوًى} بفعل يدل عليه المصدرُ لا به فإنه موصوفٌ أو بأنه بدلٌ من موعداً على تقدير مكان مضاف إليه فحينئذ تكون مطابقةُ الجواب في قوله تعالى
{قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزينة} من حيث المعنى فإن يوم الزينة يدلّ على مكان مشتهرٍ باجتماع الناس فيه يومئذ أو بإضمار مثلَ مكانِ موعدِكم مكانَ يوم الزينة كما هو على الأول أو وعدُكم وعدُ يوم الزينة وقرئ يومَ بالنصب وهو ظاهرٌ في أنَّ المرادَ بِه المصدرُ ومعنى سُوى مُنتصَفاً تستوي مسافته إلينا وإليك وهو في النعت كقولهم قوم عدي في الشذوذ وقرئ بكسر السين قيل يومُ الزينة يومُ عاشوراءَ أو يومُ النَّيْروز أو يومُ عيد كان لهم في كل عام وإنما خصه عليه الصلاة والسلام بالتعيين لإظهار كمالِ قوتِه وكونِه على ثقة من أمره وعدم مشهور على رءوس الأشهاد ويشيع ذلك فيما بين كل حاضرٍ وباد {وَأَن يُحْشَرَ الناس ضُحًى} عطفٌ على يومُ أو يوم الزينة وقرئ على البناء للفاعل بالتاء على خطاب فرعونَ وبالياء على أن الضميرَ له على سنن الملوك أو لليوم
{فتولى فِرْعَوْنُ} أي انصرف عن المجلس {فَجَمَعَ كَيْدَهُ} أي ما يُكادُ به من السحرة وأدواتِهم {ثُمَّ أتى} أي الموعدَ ومعه ما جمعه من كيده وفي كلمة التراخي إماء إلى أنه لم يسارعْ إليه بل أتاه بعد لأْيٍ وتلعثم وقوله تعالى
{قَالَ لَهُمْ موسى} الخ بطريق الاستئنافِ المبنيِّ على السؤال يقضي بأن المترقَّبَ من أحواله عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حينئذٍ والمحتاجَ إلى السؤال والبيانِ ليس إلا ما صدر عنه عليه الصلاة والسلام من الكلام وأما إتيانُه أولاً فأمرٌ محققٌ غنيٌّ عن التصريحِ بهِ كأنهُ قيل فماذا صنعَ موسى عليه الصلاةُ والسلامُ عند إتيان فرعون بما جمعه من السحرة فقيل قال لهم بطريق النصيحة {وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى الله كَذِباً}
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 6 صفحه : 24