نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 6 صفحه : 220
{أرأيت مَنِ اتخذ إلهه هَوَاهُ} تعجيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم من شناعةِ حالِهم بعد حكاية قبائحِهم من الأقوالِ
سورة الفرقان 41 43
لمعاصيهم لا لعدم رؤيتهم لآثارِها خلا أنَّه اكتفى عن التَّصريحِ بإنكارِهم ذلك بذكرِ ما يستلزمُه من إنكارهم للجزاءِ الأُخرويِّ الذي هو الغابة من خلق العالمِ وقد كُني عن ذلك بعدم النُّشورِ أي عدم توقُّعهِ كأنَّه قيل بل كانُوا ينكرون النُّشورَ المستتبع للجزاءِ الأُخرويِّ ولا يرَون لنفسٍ من النُّفوسِ نُشوراً أصلاً مع تحقُّقهِ حتماً وشمولِه للنَّاسِ عموماً واطِّرادِه وقوعاً فكيف يعترفُون بالجزاء الدٌّنيويِّ في حقِّ طائفةٍ خاصَّةً مع عدم الاطِّرادِ والملازمة بينه وبين المعاصي حتَّى يتذكَّروا ويتَّعظوا بما شاهدوه من آثارِ الهلاك وإنَّما يحملونه على الاتِّفاقِ وإمَّا انتقالٌ من التَّوبيخِ بما ذُكر منْ تركِ التَّذكرِ إلى التَّوبيخِ بما هو أعظمُ منه من عدمِ توقُّعِ النُّشورِ
{وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً} أي ما يتخذونك إلا مهزوءا به على معنى قصر معاملتهم معه صلى الله عليه وسلم على اتخاذهم إياه صلى الله عليه وسلم هُزؤاً لا على معنى قصر اتخاذهم على كونه هُزؤاً كما هو المتبادَرُ من ظاهر العبارةِ كأنَّه قيل ما يفعلون بك إلا اتخاذك هزؤا وقد مرَّ تحقيقُه في قولِه تعالى أَنِ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يوحى إِلَىَّ من سورة الأنعام وقوله تعالى {أهذا الذى بَعَثَ الله رَسُولاً} محكيٌّ بعد قول مضمر هو حالٌ من فاعلِ يتَّخذونك أي يستهزؤن بك قائلينَ أهذا الذي الخ والإشارةُ للاستحقارِ وإبراز بعث الله رسولاً في معرض التَّسليمِ بجعله صلةً للموصول الذي هو صفتُه صلى الله عليه وسلم مع كونِهم في غاية النكير لبعثه صلى الله عليه وسلم بطريقِ التَّهكُّمِ والاستهزاءِ وإلاَّ لقالُوا أبعثَ الله هذا رسولا أو أهذأ الذي يزعمُ أنَّه بعثه الله رسولاً
{إِن كَادَ} إنْ مخففةٌ منْ أنَّ وضميرُ الشأن محذوفٌ أيْ إنَّه كادَ {ليضلنا عن آلهتنا} أي ليصرفنا عن عبادتِها صرفاً كليَّاً بحيث يُبعدنا عنها لا عن عبادتِها فقط والعدولُ إلى الإضلال لغاية ضلالِهم بادَّعاء أنَّ عبادتَها طريقٌ سويٌّ {لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا} ثبتْنا عليها واستمسكنَا بعبادتِها ولولا في أمثال هذا الكلامِ تجري مَجرى التقييدِ للحُكم المطلقِ من حيثُ المعنى كما أشير إليه في قوله تعالى وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ الخ وهذا اعترافٌ منهم بأنه صلى الله عليه وسلم قد بلغ من الاجتهادِ في الدعوة إلى الحق وإظهارِ المعجزاتِ وإقامةِ الحججِ والبيِّناتِ إلى حيثُ شارفُوا أنْ يتركُوا دينَهم لولا فرطُ لجَاجِهم وغايةُ عنادِهم يُروى أنَّه من قولِ أبي جهلٍ {وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} جوابٌ من جهتهِ تعالى لآخرِ كلامِهم وردٌّ لما ينبىءُ عنه من نسبته صلى الله عليه وسلم إلى الضَّلالِ في ضمن الإضلال أي سوف يعلمونَ البتةَ وإنْ تراخى {حِينَ يَرَوْنَ العذاب} الذي يستوجبُه كفرُهم وعنادُهم {مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً} وفيه ما لا يَخفْى من الوعيدِ والتَّنبيهِ على أنَّه تعالى لا يهملهم وإن أمهلهم
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 6 صفحه : 220