responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 6  صفحه : 185
سورة النور (24 45) والتشريق إلى المؤخَّر وقيل المرادُ بالسَّماءِ المظلة وفيها جبال من برد أن كما في الأرض جبالاً من حَجَرٍ وليس في العقل وما ينفيه من قاطع والمشهر أن الأنجرة إذا تصاعدت ولم تحللها حرارة فبلغت الطبق الباردةَ من الهواءِ وقوي البردُ اجتمع هناك وصار سَحَاباً وإنْ لم يشتدَّ البردُ تقاطر مطراً وإنِ اشتدَّ فإنْ وصلَ إلى الأجزاء البُخاريَّةِ قبل اجتماعها نزل ثلجا وإلا نزل بَرَداً وقد يبردُ الهواءُ برداً مُفرطاً فينقبض وينعقدُ سحاباً وينزل منه المطر أو الثلجُ وكلُّ ذلك مستند إلى إدارة الله تعالى ومشيئتِه المبنيَّةِ على الحِكم والمَصَالحِ {فَيُصِيبُ به} أي ما ينزله من البَرَد {مَن يَشَآء} أنْ يصيبَه به فيناله ما يناله من ضرر نفسه وماله {وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء} أنْ يصرفَه عنه فينجُو من غائلتِه {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ} أي ضوءُ برقِ السَّحابِ الموصوفِ بما مرَّ من الإزجاءِ والتَّأليفِ وغيرِهما وإضافةُ البرقِ إليه قبل الإخبار بوجودِه فبه للإيذانِ بظهور أمرِه واستغنائِه عن التَّصريح به وقُرىء بالمدِّ بمعنى الرِّفعةِ والعُلو وبإدغامِ الدَّالِ في السِّينِ وبرقه يفتح الرَّاءِ على أنَّه جمع برقه وهي مقدار على البرق كالغُرفةِ وبضمِّها للإتباع لضمَّة الباءِ {يَذْهَبُ بالأبصار} أي يخطفُها من فرطِ الأضاءة وسرعق ورودِها وفي إطلاق الأبصارِ مزيدُ تهويلٍ لأمرِه وبيانٌ لشدَّةِ تأثيرِه فيها كأنَّه يكادُ يذهبُ بها ولو عندَ الإغماضِ وهذا مِن أقوى الدَّلائلِ على كمالِ القُدرةِ من حيثُ أنَّه توليدٌ للضدِّ من الضدِّ وقُرىء يُذهب من الإذهابِ على زيادةِ الباءِ

{يقلب الله الليل والنهار} بالمُعاقبة بينهما أو ينقص أحدِهما وزيادةِ الآخرِ أو بتغيير أحوالهما بالحرِّ والبردِ وغيرهما ممَّا يقعُ فيهما من الأمور التي من جملها ما ذُكر من إزجاءِ السَّحابِ وما ترتَّب عليهِ {إِنَّ فِى ذَلِكَ} إشارةٌ إلى ما فُصِّل آنِفاً وما فيه من معنى البُعد مع قُربِ المشارِ إليه للإيذان يعلو رتبته بعد منزلتِه {لَعِبْرَةً} أي لدلالةً واضحةً على وجود الصَّانعِ القديمِ ووحدتِه وكمال قُدرتِه وإحاطة علمِه بجميعِ الأشياءِ ونفاذ مشيئته وتنزيهِه عمَّا لا يليقُ بشأن العليِّ {لأُوْلِى الأبصار} لكلِّ مَن له بصرٌ

{والله خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ} أي كلَّ حيوانٍ يدبُّ على الأرض وقُرىء خالقُ كلِّ دابةٍ بالإضافة {مِن ماء} وهو جزء مادة أو ماء مخصوص وهو النُّطفةُ فيكون تنزيلاً للغالب منزلةَ الكلِّ لأنَّ من الحيوانات ما يتولَّد لا عن نُطفةٍ وقيل من ماء متعلق بداية وليس صلة الخلق {فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِى على بطنه} كالحية وتسمية حركها مشياً مع كونِها زَحْفاً بطريقِ الاستعارةِ أو المُشاكلةِ {ومنهم من يمشى على رِجْلَيْنِ} كالإنسِ والطَّيرِ {وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِى على أَرْبَعٍ} كالنعم والوحش وعدم التعريض لما يمشي على أكثرَ من أربعٍ كالعناكبِ ونحوِها من الحشرات لعدمِ الاعتدادِ بها وتذكيرُ الضَّميرِ في منهم لتغليبِ العُقلاءِ والتَّعبير عن الأصنافِ بكلمة مَن ليوافقَ التَّفصيلُ الإجمالَ والتَّرتيبُ لتقديم ما هُو أعرفُ في القُدرةِ {يَخْلُقُ الله مَا يَشَاء} ممَّا ذُكر وممَّا لم يُذكرْ بسيطاً كان أو مركّباً على ما يشاء من الصُّورَ والأعضاء

نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 6  صفحه : 185
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست