نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 6 صفحه : 149
{وَإِنَّا على أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ} من العذابِ {لقادرون} ولكنَّا نُؤخِّره لعلمنا بأنَّ بعضَهم أو بعضَ أعقابهم سيؤمنون أولأنا لا نُعذبهم وأنتَ فيهم وقيل قد أَراهُ ذلكَ وهو ما أصابَهم يومَ بدرٍ أو فتحُ مكَّةَ ولا يَخْفى بُعدُه فإنَّ المبتادر أنْ يكونَ ما يستحقُّونه من العذابِ الموعودِ عذاباً هائلاً مستأصِلاً لا يظهرُ على يديه صلى الله عليه وسلم للحكمة الدَّاعيةِ إليه
{ادفع بالتى هِىَ أَحْسَنُ السيئة} وهو الصَّفحُ عنها والإحسانُ في مقابلتِها لكن لا بحيثُ يؤدِّي إلى وَهَن في الدِّينِ وقيل هي كلمةُ التَّوحيدِ والسَّيئةُ الشِّركُ وقيل هو الأمرُ بالمعروفِ والسَّيئةُ المنكرُ وهو أبلغُ من ادفعْ بالحسنةِ السَّيئةَ لما فيه من التَّنصيصَ على التَّفضيلِ وتقديمُ الجار والمجرور على المفعول في الموضعينِ للاهتمامِ {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ} أي بما يصفونَك به أو بوصفِهم إيَّاك على خلافِ ما أنتَ عليه وفيه وعيدٌ لهم بالجزاءِ والعُقوبة وتسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإرشاد له صلى الله عليه وسلم إلى تفويضِ أمرِه إليه تعالى
{رَبّ فَلاَ تَجْعَلْنِى فِى القوم الظالمين} أي قَريناً لهم فيمَا هُم فيهِ من العذابِ وفيه إيذانٌ بكمالِ فظاعةِ ما وُعدوه من العذابِ وكونِه بحيثُ يجبُ أنْ يستعيذَ منه من لا يكاد يمكن أن يخيق به ورُدَّ لإنكارِهم إيَّاهُ واستعجالِهم به على طريقة الاستهزاءِ به وقيل أُمر به صلى الله عليه وسلم هضماً لنفسِه وقيل لأنَّ شُؤمَ الكَفَرةِ قد يحيقُ بمن وَرَاءهُم كقولِه تعالى واتقوا فِتْنَةً لا تصبن الذين ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً ورُوي أنَّه تعالى أخبرَ نبيه صلى الله عليه وسلم بأنَّ له في أمَّتِه نقمةً ولم يُطلعه على وقتِها فأمرَه بهذا الدُّعاءِ وتكريرِ النِّداءِ وتصديرُ كلَ من الشَّرطِ والجزاءِ به لإبرازِ كمالِ الضَّراعةِ والابتهالِ
{قُل رَّبّ إِمَّا تُرِيَنّى} أي إن كان لابد مِن أنْ تريني {مَا يُوعَدُونَ} من العذابِ الدنيوي المستأصلِ وأمَّا العذابُ الأُخرويُّ فلا يناسبُه المقامُ
{عالم الغيب والشهادة} بالجرِّ على أنه بدل من الجلالة وقيل صفةٌ لها وقرئ بالرفع على أنه خبرُ مبتدأ محذوفٍ وأيا ما كان فهُو دليلٌ آخرُ على انتفاءِ الشَّريكِ بناءً على توافقهم في تفرُّدِه تعالى بذلك ولذلك رُتّب عليه بالفاءِ قولُه تعالى {فتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} فإنَّ تفرُّدَه تعالى بذلك موجبٌ لتعاليهِ عن أنْ يكون له شريكٌ
سورة المؤمنون (92 97) من أن يكون له أندادٌ وأولادٌ
{وَقُلْ رَّبّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشياطين} أي وساوسِهم المُغريةِ على خلاف ما أُمرت به من المحاسنِ التي من جُملتها
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 6 صفحه : 149