نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 6 صفحه : 128
سورة المؤمنون (19 20) الجنَّة قيل هي خمسةُ أنهار سيحُون نهرُ الهندِ وجيحونُ نهر بَلْخِ ودجلةُ والفرات نهر العراقِ والنِّيلُ نهرُ مصرَ أنزلها اللَّهُ تعالى من عينٍ واحدةٍ من عيونِ الجنَّةِ فاستودَعها الجبالَ وأجراها في الأرضِ وجعل فيها منافعَ للنَّاسِ في فُنونِ معايشهم ومن ابتدائيَّةٌ متعلِّقةٌ بأنزلنا وتقديمُها على المفعولِ الصريح لما مر مرارا من الاعتناء بالمقدم والتشويق إلى المؤخَّرِ والعدولِ عن الإضمارِ لأنَّ الإنزالَ لا يُعتبر فيه عنوانُ كونها طرائقَ بل مجرَّدُ كونها جهة العلوِّ {بِقَدَرٍ} بتقديرٍ لائق لاستجلابِ منافعهم ودفعِ مضارِّهم أو بمقدارِ ما علمنا من حاجاتهم ومصالحهم {فَأَسْكَنَّاهُ فِى الارض} أي جعلناه ثابتاً قارًّا فيها {وَإِنَّا على ذَهَابٍ بِهِ} أي إزالتهِ بالإفسادِ أو التَّصعيدِ أو التَّغويرِ بحيثُ يتعذبر استنباطُه {لقادرون} كما كُنَّا قادرين على إزالة وفي تنكيرِ ذهابٍ إيماءٌ إلى كثرةِ طُرقهِ ومبالغةٌ في الإبعادِ به ولذلك جعل أبلغ من قوله تعالى قُل أَرَأَيْتُمْ عن أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَاء مَّعِينٍ
{فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ} أيْ بذلكَ الماءِ {جناتٌ مّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا} في الجنَّاتِ {فواكه كَثِيرَةٌ} تتفكَّهون بها {وَمِنْهَا} من الجنَّاتِ {تَأْكُلُونَ} تغذياً أو تُرزقون وتحصِّلُون معايشَكُم من قولهم فلانٌ يأكل من حرفته ويجوز أن يعود الضميرانِ للنَّخيلِ والأعنابِ أي لكم في ثمراتها أنواعٌ من الفواكه الرُّطبِ والعنب والتَّمرِ والزَّبيبِ والعصير والدِّبسِ وغير ذلك وطعام يأكلونه
{وَشَجَرَةً} بالنَّصبِ عطف على جنات وقرئ بالرَّفعِ على أنَّه مبتدأٌ خبرُه محذوفٌ دلَّ عليهِ ما قبلَهُ أيْ وممَّا أنشئ لكم به شجرةٌ وتخصيصُها بالذكر من بين الأشجار لاستقلالِها بمنافعَ معروفةٍ قيل هي أوَّلُ شجرةٍ نبتت بعد الطُّوفانِ وقوله تعالى {تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء} وهو جبلُ موسى عليه السَّلامُ بين مصرَ وأيلة وقيل بفلسطينَ ويقال له طور سنين فإمَّا أنْ يكون الطُّورُ اسم الجبل وسيناءُ اسمَ البُقعةِ أُضيف إليها أو المركب منهما علم له كامرئ القَيْس ومُنع صرفُه على قراءةِ من كسر السِّينَ للتَّعريفِ والعُجمةِ أو التَّأنيثِ على تأويل البُقعةِ لا للألف لأنَّه فِيعالٌ كدِيماسٍ من السَّناءِ بالمدِّ وهو الرِّفعةُ أو بالقصر وهو النور أو ملحق بفعلان كعلباء من السِّين إذ لا فعلاء بألف التَّأنيثِ بخلاف سيناء فإنه فَيعالٌ ككيسان أو فعلاء كصَحْراءَ إذ لا فَعلال في كلامهم وقرئ بالكسرِ والقصرِ والجملةُ صفةٌ لشجرةً وتخصيصها بالخروج منه مع خروجِها من سائر البقاعِ أيضاً لتعظيمها ولأنَّه المنشأُ الأصليُّ لها وقولُه تعالى {تَنبُتُ بالدهن} صفة أخرى لشجرة والباءُ متعلقةٌ بمحذوف وقع حالا منها أي تنبتُ ملتبسةً به ويجوزُ كونُها صلةً معدية أي تنبيته بمعنى تتضمَّنه وتحصِّله فإنَّ النَّباتَ حقيقةً صفةٌ للشَّجرةِ لا للدهن وقرئ تُنبت من الإفعالُ وهو إمَّا من الإنباتِ بمعنى النَّباتِ كما في قولِ زُهيرٍ [رَأيتُ ذَوي الحاجاتِ حولَ بيوتهِم قَطيناً لهم حتَّى إذا أنبتَ البقلُ] أو على تقديرِ تُنبت زيتونها ملتبسا بالدهن وقرئ على البناءِ للمفعول وهو كالأوَّلِ وتُثمر بالدُّهنِ وتخرُج بالدُّهنِ وتنبت بالدِّهانِ {وَصِبْغٍ لّلاكِلِيِنَ} معطوف على الدُّهنِ جارٍ على إعرابه عطف أحد وصفَيْ الشَّيءِ على
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 6 صفحه : 128