responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 3  صفحه : 61
{قل يا أهل الكتاب} مخاكبا للفريقين {لستم على شيء} أي دينٍ يُعتدّ به ويليق بأن يسمى شيئاً لظهور بُطلانه ووضوح فساده وفي هذا التعبير من التحقير والتصغير ما لا غايةَ وراءَه {حتى تُقِيمُواْ التوراة والإنجيل} اي تراعواهما وتحافظوا على ما فيهما من الأمور التي من جملتها دلائل رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم وشواهدُ نبوته فإن إقامتهما إنما تكون بذلك وأما مراعاة أحكامهما المنسوخةِ فليست من إقامتهما في شيء بل هي تعطيل لهما وردٌّ لشهادتهما لأنهما شاهدان بنسخها وانتهاءِ وقت العمل بها لأن شهادتهما بصحة ما ينسخها شهادةٌ بنسخها وخروجها عن كونها من أحكامهما وأن أحكامهما ما قرره النبي الذي بشَّرَ فيهما ببعثته وذُكر في تضاعيفهما نعُوتُه فإذن إقامتُهما بيانُ شواهدِ النبوة والعملُ بما قررته الشريعة من الأحكام كما يفصحُ عنه قولُه تعالى {وما أُنزِلَ إِلَيْكُم مّن رَّبّكُمْ} أي القرآن المجيد بالإيمان به فإن إقامة الجميع لا تتأتَّى بغير ذلك وتقديم غقامة الكتابين على إقامته مع أنها المقصودةُ بالذات لرعاية حقِّ الشهادة واستنزالِهم عن رتبة الشِّقاق وإيرادُه بعنوان الإنزال إليهم لما مرّ من التصريح بأنهم مأمورون بإقامته والإيمان به كما لا يزعُمون من اختصاصه بالعرب وفي إضافة الربِّ إلى ضميرهم ما أشيرَ إليهِ من اللطف في الدعوة وقيل امراد بما

المائدة آية 68
أصلاً من الأسرار الخفية ليست مما يُقصَدُ تبليغه إلى الناس أي فما بلغت شيئاً من رسالته وانسلخْتَ مما شَرُفتَ به من عنوان الرسالة بالمرة لِما أن بعضها ليس أولى بالأداء من بعض فإذا لم تؤدِّ بعضها فكأنك أغفلتَ أداءَها جميعاً كما أن من لم يؤمن ببعضها كان كمن لم يؤمن بكلها لإدلاء كلَ منها بما يُدليه غيرها وكونُها لذلك في حكم شيءٍ واحد ولا ريب في أن الواحد لا يكونُ مُبلَّغاً غيرَ ميبلغ مؤمَناً به غيرَ مؤمَنٍ به ولأن كتمان بعضها إضاعةٌ لما أُدِّيَ منها كترك بعض أركان الصلاة فإن غرض الدعوة ينتقض بذلك وقيل فكأنك ما بلغت شيئاً منها كقوله تعالى فَكَأَنَّمَا قَتَلَ الناس جَمِيعاً من حيث أن كتمنان البعض والكل سواءٌ في الشناعة واستجلاب العقاب وقرىء فما بلغت رسالاتي وعن ابن عباس رشي الله عنهما إن كتمت ى ية لم تبلِّغْ رسالاتي وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني الله برسالاته فضِقْتُ بها ذرعاً فأوحَى الله إلي إنْ لم تبلِّغْ رسالاتي عذبتُك وضمِن لي العصمة فقوِيْتُ وذلك قوله تعالى {والله يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} فإنَّه كما ترى عِدَةٌ كريمةٌ بعصمته من لُحوق ضررهم بروحه العزيزِ باعثة له صلى الله عليه وسلم على الجد في تحقيق ما أُمر بهِ من التبليغ غير مكترث بعجاوتهم وكيدهم وعن أنسٌ رضيَ الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان يُحرَسُ حتى نزلت فأخرج رأسَه من قُبّةٍ أدم فقال انصرفوا يأيها الناس فقد عصمني الله من الناس وقوله تعالى {إِنَّ الله لاَ يَهْدِى القوم الكافرين} تعليل لعصمته تعالى له صلى الله عليه وسلم أي لا يمكنهم مما يريدون بك من الإضرار وإيرادُ الآية الكريمة في تضاعيف الآيات الواردة في حق أهل الكتاب لِما أن الكل قوارعُ يسوء الكفارَ سماعُها ويشُقّ على الرسول صلى الله عليه وسلم مشافهتُهم بها وخصوصاً ما يتلوها من النصِّ الناعي عليهم كمالَ ضلالتهم ولذلك أعيد الأمر فقيل

نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 3  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست