responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 3  صفحه : 53
{قُلْ} أمرٌ لرسولِ الله صد بطريق تلوين الخطاب بعد نهْيِ المؤمنين عن تولِّي المستهزئين بأن يخاطِبَهم ويبيِّنَ أن الدين منزه عما يصحِّحُ صدورَ ما صدرَ عنهُم من الاستهزاء ويُظهرَ

أُوثرَ الإظهارُ على أن يقال ومن يتولَّهم رعايةً لما مر من نُكتةِ بيانِ أصالتِه تعالى في الولاية كما ينبىء عنه قوله تعالى {فَإِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الغالبون} حيث أضيفَ الحِزبُ إليه تعالى خاصة وهو أيضاً من باب وضْعِ الظاهِرِ موضعَ الضَّميرِ العائد إلى من أي فإنهم الغالبون لكنهم جُعِلوا حزبَ الله تعالى تعظيماً لهم وإثباتاً لغَلَبتهم بالطريقِ البرهانيِّ كأنه قيلَ ومن يتولى هؤلاء فإنهم حزبُ الله وحزبُ الله هم الغالبون

{يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الذين اتخذوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً} رُوي أن رُفاعةَ بنَ زيد وسويد بن الحرث أظهرا افسلام ثم نافقا وكان رجالٌ من المؤمنين يُوادُّونهما فنُهوا عن موالاتهما ورُتِّب النهيُ على وصف يعمُّهما وغيرَهما تعميماً للحكم وتنبيهاً على العلة وإيذاناً بأن مَنْ هذا شأنُه جديرٌ بالمعاداة فكيف بالموالاة {مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب مِن قَبْلِكُمْ} بيان للمستهزئين والتعرّضُ لعنوان إيتاءِ الكتاب لبيان كمال شناعتِهم وغايةِ ضلالتهم لِما أنَّ إيتاءَ الكتاب وازعٌ لهم عن الاستهزاء بالدلين المؤسَّسِ على الكتابِ المصدِّقِ لكتابهم {والكفار} أي المشركين خُصّوا به لتضاعُفِ كفرهم وهو عطفٌ على الموصول الأولِ ففيه إشعارٌ بأنهم ليسوا بمستهزئين كما يُنبىءُ عنه تخصيصُ الخطاب بأهل الكتاب في قوله تعالى ياأهل الكتاب هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا الآية وقُرىء بالجرِّ عطفا على الموصول الأخير ويعضُده قراءةُ أُبيَ وَمِنْ الكفار وقراءةُ عبدِ اللَّه وَمِنَ الذين أَشْرَكُواْ فهم أيضاً من جملة المستهزئين {أَوْلِيَاء} وجانبوهم كلَّ المجانبة {واتقوا الله} في ذلك بترك موالاتهم أو بترك المَناهي على الإطلاق فيدخل فيه تركُ موالاتِهم دخولاً أولياً {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} أيحقا فإن قضيةَ الإيمان توجب الاتقاءَ لا محالة {وَإِذَا ناديتم إِلَى الصلاة اتخذوها} أي الصلاةَ أو المناداةَ ففيه دلالة على شرعية الأذان

{هُزُواً وَلَعِباً} بيان لاستهزائهم بحكم خاص من أحكام الدين بعد بيان استهزائهم بالدين على الإطلاق إظهاراً لكمال شقاوتهم رُوي أن نصرانياً بالمدينة كان إذا سمع المؤذن يقول أشهد أنَّ محمداً رسولُ الله يقول أحرق الله الكاذب فدخل خادمُه ذاتَ ليلة بنار وأهله نيام فتطايرة منه شرارةٌ في البيت فأحرقَتْه وأهلَه جميعاً {ذلك} أي الاستهزاء المذكور {بِأَنَّهُمْ} بسببِ أنَّهُم {قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ} فإن السَّفَه يؤدِّي إلى الجهل بمحاسِنِ الحق والهُزُؤ به ولو كان لهم عقلٌ في الجملة لما اجترءوا على تلك العظيمة

نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 3  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست