responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 3  صفحه : 297
{والذين كذبوا بآياتنا} شروعٌ في تحقيق الحقِّ الذي به يهدي الهادون وبه بعدل العادلون وحملُ الناسِ على الأهتداء به على وجه الترهيب ومحلُّ الموصولِ الرفعُ على أنَّه مبتدأٌ خبرُه ما بعدَهُ من الجملةِ الاستقبالية وإضافةُ الآياتِ إلى نُونِ العظمةِ لتشريفها واستعظامِ الإقدام على تكذيبها أي والذين كذبوا بآياتنا التي هي معيارُ الحقِّ ومصداقُ الصدقِ والعدل {سَنَسْتَدْرِجُهُم} أي نستدينهم البتةَ إلى الهلاك شيئاً فشيئاً والاستدراجُ استفعالٌ من درَجَ إما بمعنى صعِد ثم اتُسِع فيه فاستُعمل في كل نقل تدريجيَ سواءٌ كان بطريق الصعودِ أو الهبوط أو الاستقامة وإما بمعنى مضى مشياً ضعيفاً وإما بمعنى طوَى والأولُ هو الأنسبُ بالمعنى المرادِ الذي هو النقلُ إلى أعلى درجاتِ المهالك ليبلُغ أقصى مراتبِ العقوبة والعذاب ثم استعير لطلب كل نقل تدريجيَ من حال إلى حال من الأحوال الملائمةِ للمنتقل الموافقةِ لهواه بحيث يزعُم أن ذلك ترقَ في مراقي منافعِه مع أنه في الحقيقة تردَ في مهاوي مصارعِه فاستدراجُه سبحانه إياهم أن يواتر عليهم النعم مع انهماكهم في الغيّ فيحسَبوا أنها لُطفٌ لهم منه تعالى فيزداد بطراً وطغياناً لكن لا على أن المطلوبَ تدرُّجُهم في مراتب النعمِ بل هو تدرجُهم في مدارج المعاصي إلى أن يحِقَّ عليهم كلمةُ العذاب على أفظع حال وأشعنها والأولُ وسيلةٌ إليه وقوله تعالى {من حيث لا يَعْلَمُونَ} متعلقٌ بمُضمرٍ وقع صفةً لمصدر الفعلِ المذكور أي سنستدرجهم استدراجاً كائناً من حيث لا يعلمون أنه كذلك بل يحسَبون أنه أثَرةٌ من الله عز وجل وتقريبٌ منه وقيل لا يعلمون ما يراد بهم

{وَأُمْلِى لَهُمْ} عطفٌ على سنستدرجهم غيرُ داخلٍ في حكم السين لِما أن الإملاءِ الذي هو عبارةٌ عن الإمهال والإطالةِ ليس من الأمور التدريجية كالاستدراج الحاصلِ في نفسه شيئاً فشيئاً بل هو فعلٌ يحصُل دفعةً وإنما الحاصلُ بطريق التدريج آثاره

الأعراف آية 182 183
مَنْ عدا المذكورين من الثقلين الموصوفينَ بما ذُكر من الضلال والإلحادِ عن الحق ومحلُّ الظرفِ الرفعُ على أنه مبتدأ إما باعتبارِ مضمونِه أو بتقديرِ الموصوفِ وما بعده خبرُه كما مرَّ في تفسيرِ قولِه تعالى وَمِنَ الناس الخ أي وبعضُ مَنْ خلقنا أو وبعضٌ ممن خلقنا أمةٌ أي طائفةٌ كثيرةٌ يهدون الناسَ ملتبسين بالحق أو يهدونهم بكلمة الحقِّ ويدلونهم على الاستقامة وبالحق يحكمون في الحكومات الجاريةِ فيما بينهم ولا يجورون فيها عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا قرأها هذه لكم وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها ومن قوم موسى أمة الآيةَ وعنه عليه الصَّلاةُ والسلام إن من أمتي قوماً على الحق حتى ينزل عيسى وروي لا تزال من أمتي طائفةٌ على الحق إلى أن يأتي أمرُ الله وروي لا تزال من أمتي أمةٌ قائمةً بأمر الله لا يضرُهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيَ أمر الله تعالى وهم ظاهرون وفيه من الدلالة على صحة الإجماعِ ما لا يخفي والاقتصار على نعتهم بهداية الناس للإيذان بأن اهتداءهم في أنفسهم أمرٌ محققٌ غنيٌّ عن التصريح به

نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 3  صفحه : 297
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست