responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 3  صفحه : 188
{وَجَعَلُواْ} شروعٌ في تقبيح أحوالِهم الفظيعةِ بحكاية أقوالِهم وأفعالهم الشنيعة مشركوا العربِ كانوا يُعيِّنون أشياءَ من حرث ونتاج لله تعالى وأشياءَ منهما لآلهتهم فإذا رأوا ما جعلوه لله تعالى زاكياً نامياً يزيد في نفسه خيراً رجَعوا فجعلوه لآلهتهم وإذا زكا ما جعلوه لآلهتهم تركوه معتلين بأن اللع تعالى غنيٌّ وما ذاك إلا لحب آلهتِهم وإيثارِهم لها والجعلُ إما متعدَ إلى واحد فالجارّان في قوله تعالى

الأنعام آية 135 136
أي الذي توعدونه من البعث وما يتفرَّع عليه من الأمور الهائلةِ وصيغةُ الاستقبال للدِلالة على الاستمرار التجددي {لأَتٍ} لواقعٌ لا محالة كقوله تعالى إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لواقع وإيثارُه عليه لبيان كمالِ سرعةِ وقوعِه بتصويره بصورة طالبٍ حثيثٍ لا يفوته هاربٌ حسبما يُعرب عنه قوله تعالى {وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ} أي بفائتين ذلك وإن ركِبتم في الهرب متنَ كلِّ صَعْبٍ وذَلولٍ كما أن إيثارَ صيغةِ الفاعلِ على المستقبل للإيذان بكمال قربِ الإتيان والمرادُ بيانُ دوامِ انتفاءِ الإعجازِ لا بيانُ انتفاءِ دوامِ الإعجاز فإن الجملة الاسميةَ كما تدل على دوام الثبوتِ تدل بمعونة المقام إذا دخل عليها حرف النفي على دوام الانتفاءِ لا على انتفاء الدوامِ كما حُقّق في موضعه

{قل يا قوم اعملوا على مَكَانَتِكُمْ} إثرَ ما بيّن لهم حالَهم ومآلَهم بطريق الخطاب أُمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق التلوينِ بأن يواجِهَهم بتشديد التهديد وتكريرِ الوعيد ويظهر لهم ما هو عليه غاية التصلب في الدين ونهايةِ الوثوقِ بأمره وعدم المبالاةِ بهم أي اعملوا على غاية تمكنكم واستطاعتك يقال نمكن مكانةً إذا تمكّن أبلغَ التمكّن أو على جهتكم وحالتِكم التي أنتمُ عليها من قولهم مكان ومكانة كمقامٌ ومقامة وقرىء مكاناتِكم والمعنى اثبتوا على كفرهم ومعاداتكم {إِنّى عامل} ما أُمرت به من الثبات على الإسلام والاستمرارِ على الأعمال الصالحةِ والمصابرةِ وإيرادُ التهديد بصيغة الأمرِ مبالغةٌ في الوعيد كأن المهددَ يريد تعذيبَه مجمِعاً عليه فيحمِله بالأمر على ما يؤدي إليه وتسجيلٌ بأن المهدِّد لا يتأتّى منه إلا الشرُّ كالذي أُمر به بحيث لا يجد إلى التقصّي عنه سبيلاً {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عاقبة الدار} سوف لتأكيد مضمونِ الجملة والعلمُ عرفاني ومن إما استفهامية معلقة لفعل العلم محلُّها الرفعُ على الابتداءِ وتكون باسمها وخبرها خبرٌ لها وهي مع خبرها في محل نصبٍ لسدها مسدَّ مفعول تعلمون أي فسوف تعلمون أيُّنا تكون له العاقبةُ الحسنى التي خلق الله تعالى هذه الديار لها وإما موصولةٌ فمحلُّها النصبُ على أنَّها مفعولٌ لتعلمة ون أي فسوف تعلمون الذي له عاقبةُ الدارِ وفيه مع الإنذار إنصافٌ في المقال وتنبيهٌ على كمال وثوقِ المنذِرِ بأمره وقرىء بالياء لأن تأنيثَ العاقبةِ غيرُ حقيقي {إِنَّهُ} أي الشأنَ {لاَ يُفْلِحُ الظالمون} وُضع الظلمُ موضِعَ الكفرِ إيذاناً بأن امتناعَ الفلاحِ يترتب على أي فردٍ كان من أفراد الظلمِ فما ظنُّك بالكفر الذي هو أعظمُ أفرادِه

نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 3  صفحه : 188
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست