responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 3  صفحه : 173
الأنعام آية 110
ببيان علوِّ شأن الآياتِ وصعوبةِ منالِها وتعاليها من أن تكون عُرضةً للسؤال والاقتراحِ وأما ما قيل من أن المعنى إِنَّمَا الآياتُ عِندَ الله تعالَى لاَ عندي فكيف أُجيبكم إليها وآتيكم بها وهو القادِرُ عليها لا أنا حتى آتِيَكم بها فلا مناسبةَ له بالمقام كيف لا وليس مقترَحُهم مجيئها بغير قدرةِ الله تعالى وغرادته حتى يجابوا بذلك وقوله تعالى {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إذا جاءت لا يؤمنون} كلامٌ مستأنفٌ غيرُ داخلٍ تحت الأمرِ مَسوقٌ من جهتِه تعالَى لبيان الحكمةِ الداعيةِ إلى ما أشعر به الجوابُ السابقُ من عدم مجيءِ الآياتِ خوطب به المسلمون إما خاصةً بطريق التلوينِ لمّا كانوا راغبين في نزولها طمعاً في إسلامهم وإما معه صلى الله عليه وسلم بطريق التعميم لما روي عنه صلى الله عليه وسلم من الهم بالدعاء وقد بُيّن فيه أن أيْمانَهم فاجرةٌ وإيمانُهم مما لا يدخلُ تحتَ الوجودِ وإن أجيب إلى ما سألوه وما استفهاميةٌ إنكاريةٌ لكن لا على أن مرجِعَ الإنكارِ هو وقوعُ المشعَرِ به بل هو نفسُ الإشعارِ مع تحقق المشعَرِ به في نفسه أي وأيُّ شيءٍ يُعلِمُكم أن الآيةَ التي يقترحونها إذا جاءت لا يؤمنون بل يبقَوْن على ما كانُوا عليهِ من الكفر والعناد أي لا تعلمون ذلك فتتمنّون مجيئها طمعاً في إيمانهم فكأنه بسطُ عذرٍ من جهة المسلمين في تمنيهم نزولَ الآياتِ وقيل لا مزيدةٌ فيتوجه الإنكارُ إلى الإشعار والمشعر به جميعاً أي أيُّ شيءٍ يعلمكم إيمانَهم عند مجيءِ الآياتِ حتى تتمنَّوا مجيئها طمعاً في إيمانهم فيكونُ تخطئةً لرأي المسلمين وقيل أنّ بمعنى لعل يقال ادخُل السوقَ أنك تشتري اللحمَ وعنك وعلّك ولعلك كلُّها بمعنى ويؤيده أنه قرىء لعلها إذا جاءت لا يؤمنون على أنَّ الكلامَ قد تمّ قبله والمفعولُ الثاني ليُشعرَكم محذوفٌ كما في قوله تعالى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يُزَكّى والجملة استئنافٌ لتعليل الإنكار وتقريرِه أي أيُّ شيءٍ يعلمكم حالَهم وما سيكون عند مجيءِ الآياتِ لعلها إذا جاءت لا يؤمنون بها فمالكم تتمنون مجيئها فإن تمنيته إنما يليقُ بما إذا كان إيمانُهم بها محقَّقَ الوجودِ عند مجيئِها لا مرجوَّ العدم وقرىء إنها بالكسر على أنه استئنافٌ حسبما سبق مع زيادة تحقيقٍ لعدم إيمانِهم وقرىء لا تؤمنون بالفوقانية فالخطابُ في وما يشعركم للمشركين وقرىء وما يشعرهم أنها إذا جاءتهم لا يؤمنون فمرجِعُ الإنكارِ إقدامُ المشركين على الإقسام المذكورِ مع جهلهم بحال قلوبِهم عند مجيءِ الآياتِ وبكونها حينئذٍ كما هي الآن

{وَنُقَلّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وأبصارهم} عطفٌ على لا يؤمنون داخلٌ في حكم ما يشعركم مقيدٌ بما قُيِّد به أي وما يُشعرُكم أنا نقلّب أفئدتَهم عن إدراك الحقِّ فلا يفقهونه وأبصارَهم عن اجتلائه فلا يُبصرونه لكن لا مَعَ توجهها إليها واستعدادِها لقبوله بل لكمال نُبوِّها عنه وإعراضِها بالكلية ولذلك أخِّر ذكرُه عن ذكر عدمِ إيمانِهم إشعاراً بأصالتهم في الكفر وحما لتوهُّم أن عدم إيمانِهم ناشىءٌ من تقليبه تعالى مشاعرَهم بطريق الإجبار {كَمَا لم يُؤْمِنُواْ بِهِ} أي بما جاء من الآيات {أَوَّلَ مَرَّةٍ} أي عند ورودِ الآياتِ السابقةِ والكافُ في محل النصب على أنَّه نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ منصوبٌ بلا يؤمنون وما مصدريةٌ أي لا يؤمنون بل يكفرون كفراً كائناً ككفرهم أولَ مرةٍ وتوسيطُ تقليبِ الأفئدةِ والأبصارِ بينهما لأنه من متمّمات عدمِ إيمانهم {ونذرهم} عكف على لا يؤمنون داخلٌ في حكم الاستفهامِ الإنكاريِّ مقيدٌ بما قُيِّد به مبيِّنٌ لما هو المرادُ بتقليب الأفئدة

نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 3  صفحه : 173
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست