responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 3  صفحه : 133
الأنعام آية 42 44
لمشيئته المبنيةِ على حِكَمٍ خفية وقد استأثر الله تعالى بعلمها فقد يقبلُه كما في بعض دعواتهم المتعلقةِ بكشف العذاب الدنيوي وقد لا يقبله كما في بعض آخَرَ منها وفي جميع ما يتعلق بكشف العذابِ الأخرويِّ الذي من جملته الساعةُ وقوله تعالى {وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ} أي تتركون ما تشركونه به تعالى من الأصنامِ تركاً كلياً عطفٌ على تدعون أيضاً وتوسيطُ الكشفِ بينهما مع تقارنهما وتأخُرِ الكشف عنهما لإظهار كمال العناية بشأن الكشفِ والأيذان بترتّبه على الدعاء خاصةً وقولُه تعالى

{ولقد أرسلنا} مكلام مستأنفٌ مسوقٌ لبيانِ أن منهم ة من لا يدعو الله تعالى عند إتيانِ العذاب أيضاً لتماديهم في الغيِّ والضلال لا يتأثرون بالزواجر التنزيلة وتصديرُه بالجملة القَسَمية لإظهار مزيدِ الاهتمام بمضمونه ومفعول أرسلنا محذوف لما أنَّ مُقتضى المقام بيانُ حال المرسَل إليهم لا حالِ المرسلين أي وبالله لقد أرسلنا رسلاً {إلى أُمَمٍ} كثيرة {مِن قَبْلِكَ} أي كائنة من زمان قبلَ زمانك {فأخذناهم} أي فكذبوا رسلهم فأخذناهم {بالبأساء} أي بالشدة والفقر {والضراء} أي الضر والآفات وهما صيغنا تأنيثٍ لا مذكر لهما {لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} أي لكي يدعوا الله تعالة في كشفها بالتضرّع والتذلل ويتوبوا إليه من كفرهم ومعاصيهم

{فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ} أي فلم يتضرعوا حينئذ مع تحقق ما يستدعيه {ولكن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ} استدراكٌ عما قبله أي فلم يتضرعوا إليه تعالى برقةِ القلب والخضوع مع تحقق ما يدعوهم إليه ولكن ظهر منهم نقيضُه حيث قستْ قلوبُهم أي استمرتْ على ما هي عليه من القساوة أو ازدادَتْ قساوةً كقولك لم يُكرِمْني إذ جئتُه ولكن أهانني {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان ما كانوا يعملون} من الكفر والمعاصي فلم يُخْطِروا ببالهم أنّ ما اعتراهم من البأساء والضراء ما اعتراهم إلا لأجله وقيل الاستدراك لبيان أنَّه لم يكُن لهم في ترك التضرُّع عذرٌ سوى قسوةِ قلوبهم والإعجابِ بأعمالهم التي زيَّنها الشيطانُ لهم وقوله تعالى

{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ به} عطف على مقدَّرٍ ينساقُ إليه النظمُ الكريمُ أي فانهمَكوا فيه ونسُوا ما ذُكَّروا به من البأساء والضّراء فلما نسوه {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلّ شَىْء} من فنون النَّعْماء على منهاج الاستدراج لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال مُكِر بالقوم ورب الكعبة وقرىء فتّحنا بالتشديد للتكثير وفي ترتيب الفتح على النسيان المذكور إشعارٌ بأن التذكر في الجملة غير خالٍ عن النفع وحتى في قولِه تعالى {حتى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ} هي التي يُبتدأ بها الكلامُ دخلتْ على الجملةِ الشرطية كما في قوله تعالى حتى إِذَا جَاء أَمْرُنَا الآية ونظائرِه وهي

نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 3  صفحه : 133
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست