responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 1  صفحه : 151
{بديع السماوات والارض} أي مُبدِعُهما ومخترِعُهما بلا مثالٍ يَحتذيه ولا قانونٍ ينتجه فإن البديعَ كما يُطلقُ على المبتدِع يُطلق على المبدع نصَّ عليه أساطينُ أهل اللغة وقد جاء بَدَعَه كمنعه بمعنى أنشأه كابتدعه كما ذُكر في القاموس وغيرِه ونظيرُه السميعُ بمعنى المسمِع في قوله أَمِنْ رَيْحانَةَ الدَّاعي السميعُ وقيل هو من إضافة الصفةِ المشبّهةِ إلى فاعلها للتخفيف بعد نصبه على تشبيهها باسم الفاعِلِ كما هو المشهورُ أي بديعُ سمواتِه من بَدَع إذا كان على شكل فائقٍ وحُسْنٍ رائق وهو حجة أخرى لإبطال مقالتِهم الشنعاءِ تقريرُها أن الوالدَ عنصرُ الولدِ المنفعل بانفصال مادته عنه والله سبحانه مُبدعُ الأشياء كلِّها على الإطلاق منزَّه عن الانفعال فلا يكون والداً ورفعُه على أنه خبرٌ لمبتدأ محذوف أي هو بديعُ الخ وقرئ بالنصبَ على المدح وبالجرِّ على أنه بدلٌ من الضمير في له على رأي من يجوز الإبدالَ من الضمير المجرور كما في قوله ... على جودِه لَضَنَّ بالماء حاتِمُ ...

{وَإِذَا قضى أَمْرًا} أي أرادَ شيئاً كقوله تعالى إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً وأصلُ القضاءِ الإحكام أطلق على الإرادة الإلهية المتعلقة بوجود الشئ لإيجابها إياه البتة وقيل الأمر ومنه قوله تعالى {وقضى رَبُّكَ} الخ
{فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فيكون} كلاهما من الكون التام أي أحدث فيحدث وليس المرادُ به حقيقةَ الأمرِ والامتثال وإنما هو تمثيلٌ لسهولة تأتّي المقدورات بحسَب تعلّقِ مشيئتِه تعالى وتصويرٌ لسرعة حدوثِها بما هو عَلَمٌ في الباب من طاعة المأمورِ المطيعِ للآمر المطاعِ وفيه تقريرٌ لمعنى الإبداع وتلويحٌ لحجة أخرى لإبطال ما زعموه بأن اتخاذَ الولدِ شأنُ مَن يفتقرُ في تحصيل مرادِه إلى مباد يستدعي ترتيبُها مرورَ زمانٍ وتبدلَ أطوارٍ وفعلُه تعالى متعالٍ عن ذلك

{وَقَالَ الذَين لاَ يَعْلَمُونَ} حكايةٌ لنوعٍ آخرَ من قبائحهم وهو قدحُهم في أمر النبوة بعد حكاية قدحِهم في شأن التوحيد بنسبة الولدِ إليه سبحانَه وتعالى واختُلف في هؤلاء القائلين فقال ابن عباس رضي الله عنهما اليهودُ وقال مجاهد هم النصارى ووصفُهم بعدم العلم لعدم علمِهم بالتوحيد والنبوة كما ينبغي أو لعدم علمِهم بموجب عمَلِهم أو لأن ما يحكى عنهم لا يصدرُ عمن له شائبةُ علمٍ أصلاً وقال قتادة

البقرة (118 - 117)
بدوامها وطولِ بقائها عما يجري مجرَى الولدِ من الحيوان أي ليس الأمرُ كما زعموا بل هو خالقٌ جميعَ الموجودات التي من جملتها عزيز والمسيحُ والملائكة
{كُلٌّ} التنوين عوضٌ عن المضافِ إليهِ أي كلُّ ما فيهما كائناً ما كانَ منْ أولي العلم وغيرِهم
{لَّهُ قانتون} منقادون لا يستعصي شئ منهم على تكوينه وتقديره ومشيئتِه ومن كان هذا شأنُه لم يُتصوَّرْ مجانستُه لشئ ومن حق الولدِ أن يكون من جنس الوالد وإنما جيءَ بما المختصةِ بغير أولي العلم تحقيراً لشأنهم وإيذانا بكمال بُعدِهم عما نسَبوا إلى بعضٍ منهم وصيغةُ جمعِ العقلاءِ في قانتون للتغليب أو كلُّ مَنْ جعلوه لله تعالى ولداً له قانتون أي مطيعون عابدون له معترفون بربوبيته تعالى كقوله تعالى {أُولَئِكَ الذين يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبّهِمُ الوسيلة}

نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 1  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست