responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 1  صفحه : 102
البقرة (54 - 53)

{وإذ آتينا مُوسَى الكتاب والفرقان} أي التوراةَ الجامعةَ بين كونِها كتاباً وحُجةً تفرق بين الحق والباطلِ وقيل أريد بالفرقان معجزاتُه الفارقةُ بين المحق والمبطل في الدعوى أو بين الكفر والإيمان وقيل الشرعُ الفارقُ بين الحلالِ والحرام أو النصرُ الذي فرّق بينه وبين عدوِّه كقوله تعالى يوم الفرقان يريد به يومَ بدر
{لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} لكي تهتدوا بالتدبر فيه والعمل بما يحويه

{وَإِذْ قَالَ موسى لِقَوْمِهِ} بيانٌ لكيفية وقوعِ العفو المذكور
{يا قوم إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ باتخاذكم العجل} أي معبوداً
{فَتُوبُواْ} أي فاعزِموا على التوبة
{إلى بَارِئِكُمْ} أي إلى مَنْ خلقَكم بريئاً من العُيوب والنقصان والتفاوت وميّز بعضَكم من بعض بصور وهيئات مختلفة وأصلُ التركيب الخلوصُ عن الغير إما بطريق التفصى كما في برئ المريضُ أو بطريق الإنشاء كما في بَرَأ الله آدم من الطين والتعرض لعنوان البارئية للإشعار بأنهم بلغوا من الجهالة أقصاها ومن الغواية منتهاها حيث تركوا عبادةَ العليمِ الحكيم الذي خلقهم بلطيف حكمتِه بريئاً من التفاوت والتنافُرِ إلى عبادة البقر الذي هو مثلٌ في الغباوة وأن من لم بعرف حقوقَ مُنعِمِه حقيقٌ بأن تُستردّ هي منه ولذلك أُمروا بالقتل وفك التركيب
{فاقتلوا أَنفُسَكُمْ} تماماً لتوبتكم بالبَخْع أو بقطع الشهوات وقيل أُمروا أن يقتُلَ بعضُهم بعضاً وقيل أُمر من لم يعبد العجل بقتل مَنْ عَبَده يروى أن الرجلَ كان يرى قريبَه فلم يقدِرْ على المُضِيِّ لأمر الله تعالى فأرسل الله ضَبابةً وسحابة سوداءَ لا يتباصَرون بها فأخذوا يقتلون من الغداة إلى العشي حتى دعا موسى وهارونُ عليهما السَّلامُ فكُشفت السحابةُ ونزلت التوبةُ وكانت القتلى سبعين ألفاً والفاء الأولى للتسبيب والثانية للتعقيب
{ذلكم} إشارةٌ إلى ما ذكر من التوب والقتل
{خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ} لما أنه طُهرةٌ عن الشرك ووَصْلةٌ إلى الحياة الأبدية والبهجة السرمدية
{فَتَابَ عَلَيْكُمْ} عطفٌ على محذوف على أنه خطابٌ منه سبحانه على نهج الالتفاتِ من التكلم الذي يقتضيهِ سباقُ النظمِ الكريمِ وسياقهِ فإنَّ مبنى الجميعِ على التكلم إلى الغَيْبة ليكون ذريعة إلى إسناد الفعلِ إلى ضمير بارئِكم المستتبع للإيذان بعلّية عنوانِ البارئية والخلق والإحياءِ لقبول التوبة التي هي عبارةٌ عن العفو عن القتل تقديرُه فعلتم ما أمرتم به فتابَ عليكم بارئُكم وإنما لم يقل فتابَ عليهم على أنَّ الضميرَ للقوم لما أن ذلك نعمةٌ أريد التذكيرُ بها للمخاطبين لا لأسلافهم هذا وقد جوِّز أنْ يكون فتاب عليكم متعلقاً بمحذوفٍ على إنه من كلام موسى عليه السلام لقومه تقديرُه إن فعلتم ما أُمِرْتم به فقد تاب عليكم ولا يخفى أنه بمعزلٍ من اللَّياقة بجلالة شأنِ التنزيلِ كيف لا وهو حينئذ حكايةٌ لوعد موسى عليه السلام قومَه بقَبول التوبةِ منه تعالى لا لقبوله تعالى حتماً وقد عرفتَ أن الآيةَ الكريمةَ تفصيلٌ لكيفية القبول المحكيِّ فيما قبل وأن المراد تذكيرُ المخاطبين بتلك النعمة
{إِنَّهُ هُوَ التواب الرحيم} تعليل

نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 1  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست