نام کتاب : تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير نویسنده : ابن باديس، عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 97
إذا كان من الأولى فالأصل مسؤولاً عنه فحذف إيجازاً لظهور المراد.
وإذا كان من الثاني فلا حذف ومعناه حيئنذ مطلوب أي مطلوب الوفاء به.
الوفاء بالعهد شرط ضروري لحصول السعادتين:
عهد الله تعالى لعباده هو ما شرعه لهم من دينه، فوفاؤهم بعهده قيام بأعباء ذلك الدين الكريم، وانتظام شؤونهم في هذه الحياة- أفراداً وجماعات وأمماً- متوقف على الوفاء من بعضهم لبعض بما بينهم من عهود؛ فالوفاء ضروري لنجاة العباد مع خالقهم؛ ولسلامتهم من الشرور والفوضى والفتن. وضروري- إذن- لتحصيل سعادة الدنيا وسعادة الآخرة.
ولمكانة هذا الأصل وضرورته تكرر في الكتاب والسنة الأمر به على وجه عام بين الأفراد والأمم، بلا فرق بين الأجناس والملل. وجاء هنا في آية الوصاية باليتيم- وهي آية حفظ الأموال باحترام الملكية- لوجهين:
الأول: أن الكافل لليتيم قد أعلن بكفالته- بلسان حاله- أنه ملتزم لحفظه في بدنه وماله، فهذا عهد منه يطالب بالوفاء به، ويسأل عن ذلك الوفاء.
الثاني: أن الآية في حفظ الأموال وعدم التعدي على ملك أحد.
والناس يتعاملون بحكم الضرورة، ويبنون تعاملهم على تبادل الثقة والعهود المبذولة من بعضهم لبعض بلسان المقال أو بلسان الحال، فأمروا بالوفاء بالعهد الذي هو أساس للتعامل، وفي ذلك سلامة مال كل أحد من التعدي عليه.
ولا ينافي هذا عموم اللفظ الذي يقتضي الأمر بالوفاء عاماً، لأنه باق على عمومه وإنما يدخل فيه هذان الوجهان المذكوران في ارتباط النظم دخولا أولياً.
ومن بديع إيجاز القرآن في نظم الآيات أن يؤتي باللفظ مفيداً للعام، ومقوياً للخاص.
... الترغيب في الوفاء، والترهيب من الخيانة:
{إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}.
إذ كان مسؤول بمعنى مطلوب، أي مطلوب الوفاء به، فإنه مطلوب في الفطرة، وفي الشريع؛ فالعباد فطروا على استحسان الوفاء، ومطالبة بعضهم بعضاً به، والشرع طالبهم بالوفاء وشرعه لهم، ووعدهم الثواب عليه- ففي قوله: {إن العهد كان مسؤولاً} ترغيب لهم في الوفاء بحسنه ومشروعيته وحسن الجزاء عليه. ويتضمن هذا الترغيب التخويف من ترك المطلوب.
وإذا كان مسؤول بمعنى مسؤول عنه، فإن المعنى أن الله تعالى يسأل العباد يوم القيامة عن عهودهم: هل أوفوا بها ليجازيهم على الوفاء بحسن الجزاء، وعلى الخيانة بالعذاب والإهانة؟
نام کتاب : تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير نویسنده : ابن باديس، عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 97