responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير نویسنده : ابن باديس، عبد الحميد    جلد : 1  صفحه : 67
وتقدير نظم الآية هكذا:
«وقضى ربك أن لا تعبدوا إلاّ إياه، وبأن تحسنوا للوالدين إحسانا». فحذف أن تحسنوا لوجود ما يدل عليه وهو إحسانا. وفي تنكيره إفادة للتعظيم، فهو إحسان عظيم في القول والفعل والحال. وتقول أحسنت إليه، وأحسنت به، وأحسنت به أبلغ، لتضمن أحسنت معنى لطفت، ولما في الباء من معنى اللصوق، ولهذا عدي في الآية بالباء ليفيد الأمر باللطف في الإحسان والمبالغة في تمام اتصاله بهما، فلا يريان ولا يسمعان ولا يجدان من ولدهما إلاّ إحساناً، ولا يشعران في قلوبهما منه إلاّ الإحسان.
ومن الإحسان ما يكون ابتداء وفضلاً، ومنه ما يكون جزاء وشكراً فعليه أن يعلم أن كل إحسانه هو شكر لهما على سابق إحسانهما، الذي لا يمكنه أن يكافئه بمثله لثبوت فضيلة سبقه.
وفي تعليق الحكم- وهو الأمر بالإحسان، بلفظ الوالدين المشتق من الولادة، إيذان بعليتها في الحكم، فيستحقان الإحسان بالوالدية سواء أكانا مؤمنين أم كافرين، بارين أو فاجرين، محسنين إليه أو مسيئين.
وقد جاء هذا صريحاً في قوله تعالى:
{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15]. فأمر بمصاحبتهما بالمعروف على كفرهما.
وفي الصحيح عن أسماء بنت أبي بكر الصديق- رضي الله عنهما- قالت: «قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فاستفيتُ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قلت: قدمت علي أمي وهي راغبة (أي في العطاء والإحسان) أفأصل أمي؟ قال: نعم صلي أمك» [1].
وهذا الإحسان الواجب لهما، جانب الأم آكد فيه من جانب الأب، وحظها فيه أوفر من حظه. ويشير إلى هذا تخصيصها بذكر أتعابها في قوله تعالى:
{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14]. وفي الآية الآخرى:
{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15]. فذكر ما تعانيه من ألم الحمل، ومشقة الوضع، ومقاساة الرضاع والتربية.

= ومسلم في الإيمان حديث 143. والترمذي في البر والصلة باب4. والنسائي في التحريم باب3. والدارمي في الديات باب9. وأحمد في المسند (5/ 38،36).
[1] أخرجه البخاري في الهبة باب29، والجزية باب18، والأدب باب8. ومسلم في التركاة باب50. والدارمي في التركاة باب34. وأحمد في المسند (6/ 355،347،344)
نام کتاب : تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير نویسنده : ابن باديس، عبد الحميد    جلد : 1  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست