من طبيعة الملك البشري:
الملك البشري، وإن روعيت في أوضاعه هذه الأصول الأربعة، إلاّ أنه:
1 - لا يقيم ميزان العدل بين أبناء المملكة وغيرهم: فنراه يكيل لهؤلاء بمكيال ولهؤلاء بمكيال.
ولا يرعى من العهود- في الغالب- إلاّ ما يعارض مصلحته أو تلزمه بمراعاته قوة خصمه.
2 - كما أنه يكاد يقصر بره وإحسانه على أبناء جلدته، ومن كانوا من جنسه ولونه.
3 - كما أنه يبني أمره على القوة المطلقة فتندفع من رغباته إلى أقصى ما يمكنها أن تصل إليه. فيكون البغي والتساقط [1] [[التسلط]] (*) والعدوان.
4 - كما أنه تستهويه زينة الحياة الدنيا وزخارفها، فتمتد يده إليها حيثما وجدها، فتتنازعها الأيدي بالقوة والحيلة، وتذهب في أقانيها [2] الشهوات بالناس إلى النقص والرذيلة.
...
ثم إن من طبيعة الملك من حيث أنه ملك- سواء أكان بشرياً أم نبوياً- مظاهر الأبهة والجمال والقوة والفخامة؛ لما جبل عليه الخلق من اعتبار المظاهر والتأثر بها. وهذا إذا كان في الحق فهو عمود مطلوب، وإذا كان للباطل والبغي والتعظيم النفسي فمذموم متروك. [1] كذا في الأصل المطبوع بالسين بعد التاء؛ ولعل الصواب "التقاسط" بالقاف بعد التاء، من قَسَطَ قَسْطاً وقُسوطاً: جار وعدل عن الحق. انظر (المعجم الوسيط: [ص: 734]). [2] أقانيها: لم أجد هذه الصيغة في كتب اللغة. ويريد: اقتنائها؛ القِنوة والقنوة والقنية والقنْيَة: الكسبة. وقنوت الشيء قُئوا وقُنوانًا وأقتنيته: كسبته. انظر لسان العرب (15/ 201 - مادة قنا).
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: لعل الصواب ما أُثبت بين معكوفات والله أعلم
نام کتاب : تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير نویسنده : ابن باديس، عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 251