أخرج الشيخان عن ابن عباس- رضي الله عنهما- واللفظ لمسلم [1]، قال ابن عباس:
«نزلت هذه الآية بمكة {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ... مُهَانًا} [الفرقان: 68، 69]. فقال المشركون: وما يغني عنا الإسلام وقد عدلنا بالله، وقد قتلنا النفس التى حرم الله، وأتينا الفواحش؟
فأنزل الله عز وجل: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} الآية.
[قال: فأما من دخل في الإسلام وعَقَله ثم قَتَلَ فلا توبة له]. [2]» [3].
لما ذكر تعالى عظائم الذنوب وأكبر كبائرها، وتوعد بالوعيد الشديد عليها، عقبها بذكر التوبة منها، ورغب فيها؛ لينبه عباده على طريق الرجوع إليه، وأن من تاب منهم إلى الله تاب الله عليه.
(التوبة) الرجوع إلى الله، أي الرجوع من معصية الله إلى طاعته، وذلك بالندم على ما فات، والعزم على عدم العود إليه، وهذان من عمل القلب. وبالإقلاع عما هو ملتبس به، وهذا من عمل الجوارح.
(الإيمان) عندما يذكر مع الأعمال يراد به تصديق القلب ويقينه واطمئنانه بعقائد الحق.
والعمل الصالح هو العمل الطيب المشروع من طاعة الله على العباد، سواء كان من عمل الباطن وهو عمل القلب أو من عمل الظاهر وهو عمل الجوارح.
والعمل الصالح من ثمرات الإيمان الدال وجودها على وجوده، وكمالها على كماله، ونقصها على نقصه، وعدمها على اضطرابه ووشك انحلاله واضمحلاله.
(التبديل) التحويل فتجعل الحسنة مكان السيئة.
(الغفور) الستار للذنوب، المتجاوز عنها.
(الرحيم) المنعم الدائم الإنعام. [1] كتاب التفسير، حديث رقم 19. [2] ما بين حاصرتين زيادة من صحيح مسلم، وهو تتمة الحديث. [3] الحديث أخرجه البخاري في تفسير سورة الفرقان باب 3 و4. ومسلم في التفسير حديث رقم 19. وأبو داود في الفتن باب 6. والنسائي في التحريم باب 2.
نام کتاب : تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير نویسنده : ابن باديس، عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 224