نام کتاب : تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة نویسنده : ابن عرفة جلد : 1 صفحه : 246
قال ابن عرفة: فتقدير (السَّببية) على هذا إما أنهم نهوا عن الاقتصار (في الدعاء) بمصالح الدنيا فقط وأمروا بالشعور بالآخرة واستحضار وجودها.
قال: ويحتمل (تقدير) السببية بوجهين آخرين. أحدهما: أن في الآية اللف والنشر مَن «يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِي الدنيا» راجع
لقوله «كَذِكْرِكُمْ آبَآءَكُمْ» وقوله تعالى {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِي الدنيا حَسَنَةَ} راجع إلى قوله «أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً».
قيل لابن عرفة: (يعكر) عليه قوله «وَمَا لَهُ فِي الأخرة مِنْ خَلاَقٍ» (يدل على أنه كافر فيكف يذكر الله كذكره أباه؟ فقال: قد تقرر أنّ «وَمَا لَهُ فِي الأخرة مِنْ خَلاَقٍ» (معتبر) بأمرين لأنّ الواو فيه واو الحال فيحتمل أن يراد أنه في نفس الأمر ليس له نصيب في الآخرة، ويحتمل (أن) يريد من الناس المؤمنين من يطلب أمور الدنيا، ولم يتعلق له بال بطلب الثواب في الآخرة عليه، فقد يعمل العمل الصالح، ويطلب المعونة عليه، ولم يخطر بباله طلب الثواب عليه في الآخرة بوجه (أو بطلب الرزق الحلال من نعيم الدنيا ومستلذاتها، ويصرفه في وجهه وهو مع ذلك طائع، ولا يتشوق إلى طلب الآخرة بوجه) بل (يغفل) عن ذلك.
الوجه الثاني في تقرير السببية: أنه لما تقدم الأمر بذكر الله عقبه بهذا تنبيها على أن من الناس من لا يمتثل هذا الامر ولا يقبله، ومنهم من يمتثله ويعمل بمقتضاه فهو الذي يقول: {رَبَّنَآ آتِنَا فِي الدنيا حَسَنَةً وَفِي الأخرة حَسَنَةً} أو يرجع إلى القبول والأجر. وتقرر أن القبول أخص، فمن الناس من يفعل العبادة فلا يجزيه ويخرجه من عهدة التكليف فقط ولا يثاب عليها كمن يصلي رياء ومنهم من يفعلها بالإخلاص ونية فتقبل منه، ويثاب عليها في الدار الآخرة.
قال ابن عرفة: وعادتهم يختلفون في الألف واللام في «الناس» فمنهم من كان يقول إنها للعهد والمراد بها الناس الحجاج (ومنهم من جعلها للجنس فعلى أنّها للعهد يكون التقسيم مستوفيا لأن الحجاج) لا بد أنهم يدعون إما بأمر دنيوي أو بأخروي (وعلى أنها للجنس لايكون مستوفيا) لأن بعض الناس قد لا يدعون بشيء أصلا لا دنيوي ولا أخروي.
قيل لابن عرفة: وكذلك على أنها للعهد لأن بعض الحجاج يدعو أيضا بأمر الآخرة فقط؟ ...
قال أبو حيان: ومفعول «آتِنَا» الأول محذوف.
نام کتاب : تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة نویسنده : ابن عرفة جلد : 1 صفحه : 246