نام کتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز نویسنده : ابن عطية جلد : 2 صفحه : 369
ووصف الشريعة بما هي عليه من الحسن والفضل والاستقامة، وهَدانِي معناه أرشدني بخلق الهدى في قلبي. والرب المالك، ولفظه مصدر من قولك ربه يربه، وإنما هو مثل عدل ورضى في أنه مصدر وصف به وأصله ذو الرب ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فقيل الرب. و «الصراط» الطريق.
ودِيناً منصوب ب هَدانِي المقدر الذي يدل عليه هَدانِي الأول، وهذا الضمير إنما يصل وحده دون أن يحتاج إلى إضمار إلى. إذ هدى يصل بنفسه إلى مفعوله الثاني وبحرف الجر، فهو فعل متردد.
وقيل نصب دِيناً فعل مضمر تقديره عرفني دينا. وقيل تقديره فاتبعوا دينا أو فالزموا دينا، وقيل نصب على البدل من صِراطٍ على الموضع، أن تقديره هداني ربي صراطا مستقيما، وقِيَماً نعت للدين، ومعناه مستقيما معتدلا. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو «قيّما» بفتح القاف وكسر الياء وشدها. وأصله قيوم عللت كتعليل سيد وميت، وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي «قيما» بكسر القاف وفتح الياء على وزن فعل، وكأن الأصل أن يجيء فيه قوما كعوض وحول إلا أنه شذ كشذوذ قولهم جياد في جمع جواد وثيرة في جمع ثور، ومِلَّةَ بدل من الدين، والملة الشريعة وحَنِيفاً نصب على الحال من إِبْراهِيمَ، والحنف في كلام العرب الميل فقد يكون الميل إلى فساد كحنف الرجل.
وكقوله فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً [البقرة: 182] على قراءة من قرأ بالحاء غير المنقوطة ونحو ذلك. وقد يكون الحنف إلى الصلاح كقوله عليه السلام: «الحنيفية السمحة» ، و «الدين الحنيف» ونحوه، وقال ابن قتيبة: الحنف الاستقامة وإنما سمي الأحنف في الرجل على جهة التفاؤل له. وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ نفي للنقيصة عنه صلى الله عليه وسلم، وقوله قُلْ إِنَّ صَلاتِي الآية، أمر من الله عز وجل أن يعلن بأن مقصده في صلاته وطاعته من ذبيحة وغيرها وتصرفه مدة حياته وحاله من الإخلاص والإيمان عند مماته إنما هو لله عز وجل وإرادة وجهه وطلب رضاه، وفي إعلان النبي صلى الله عليه وسلم بهذه المقالة ما يلزم المؤمنين التأسي به حتى يلتزموا في جميع أعمالهم قصد وجه الله عز وجل، ويحتمل أن يريد بهذه المقالة أن صلاته ونسكه وحياته وموته بيد الله عز وجل، يصرفه في جميع ذلك كيف شاء، وأنه قد هداه من ذلك إلى صراط مستقيم، ويكون قوله بِذلِكَ أُمِرْتُ على هذا التأويل راجعا إلى قوله لا شَرِيكَ لَهُ فقط أو راجعا إلى القول الأول وعلى التأويل الأول يرجع على جميع ما ذكر من صلاة وغيرها، أي أمرت بأن أقصد وجه الله عز وجل في ذلك وأن التزم العمل، وقرأ جمهور الناس: «ونسكي» بضم السين، وقرأ أبو حيوة والحسن بإسكان السين، وقالت فرقة «النسك» في هذه الآية الذبائح.
قال القاضي أبو محمد: ويحسن تخصيص الذبيحة بالذكر في هذه الآية أنها نازلة قد تقدم ذكرها والجدل فيها في السورة، وقالت فرقة: «النسك» في هذه الآية جميع أعمال الطاعات من قولك نسك فلان فهو ناسك إذا تعبد، وقرأ السبعة سوى نافع و «محياي ومماتي» بفتح الياء من «محياي» وسكونها من «مماتي» ، وقرأ نافع وحده و «محياي» بسكون الياء من «محياي» ، قال أبو علي الفارسي وهي شاذة في القياس لأنها جمعت بين ساكنين، وشاذة في الاستعمال ووجهها أنه قد سمع من العرب التقت حلقتا البطان ولفلان ثلثا المال، وروى أبو خليد عن نافع و «محياي» بكسر الياء، وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى والجحدري و «محيي» ، وهذه لغة هذيل ومنه قول أبي ذؤيب:
نام کتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز نویسنده : ابن عطية جلد : 2 صفحه : 369