نام کتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز نویسنده : ابن عطية جلد : 2 صفحه : 276
هذا القرآن» على الفعل الماضي ونصب القرآن وفي «أوحى» ضمير عائد على الله تعالى من قوله قُلِ اللَّهُ، وقرأت فرقة «وأوحي» على بناء الفعل للمفعول «القرآن» رفعا، لِأُنْذِرَكُمْ معناه لأخوفكم به العقاب والآخرة، وَمَنْ عطف على الكاف والميم في قوله: لِأُنْذِرَكُمْ وبَلَغَ معناه على قول الجمهور بلاغ القرآن، أي لأنذركم وأنذر من بلغه، ففي بلغ ضمير محذوف لأنه في صلة من، فحذف لطول الكلام، وقالت فرقة ومن بلغ الحكم، ففي بَلَغَ على هذا التأويل ضمير مقدر راجع إلى مَنْ، وروي في معنى التأويل الأول أحاديث، منها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا أيها الناس بلغوا عني ولو آية، فإنه من بلغ آية من كتاب الله تعالى فقد بلغه أمر الله تعالى أخذه أو تركه» ، ونحو هذا من الأحاديث كقوله «من بلغه هذا القرآن فأنا نذيره» ، وقرأت فرقة «أأينكم» بزيادة ألف بين الهمزة الأولى والثانية المسهلة عاملة بعد التسهيل العاملة قبل التسهيل وقرأت فرقة «أينكم» بهمزتين الثانية مسهلة دون ألف بينهما، وقرأت فرقة «أإنكم» استثقلت اجتماع الهمزتين فزادت ألفا بين الهمزتين، وقرأت فرقة «أنكم» بالإيجاب دون تقدير وهذه الآية مقصدها التوبيخ وتسفيه الرأي. وأُخْرى صفة لآلهة وصفة جمع ما لا يعقل تجري في الإفراد مجرى الواحدة المؤنثة كقوله: مَآرِبُ أُخْرى [طه: 18] وكذلك مخاطبته جمع ما لا يعقل كقوله: يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ ونحو هذا، ولما كانت هذه الآلهة حجارة وعيدانا أجريت هذا المجرى ثم أمره الله تعالى أن يعلن بالتبري من شهادتهم. والإعلان بالتوحيد لله عز وجل والتبري من إشراكهم، وَإِنَّنِي إيجاب ألحقت فيه النون التي تلحق الفعل لتبقى حركته عند اتصال الضمير به في قولك ضربني ونحوه، وظاهر الآية أنها في عبدة الأصنام وذكر الطبري أنه قد ورد من وجه لم يثبت صحته أنها نزلت في قوم من اليهود، وأسند إلى ابن عباس قال: جاء النحام بن زيد وفردم بن كعب وبحري بن عمرو، فقالوا: يا محمد ما تعلم مع الله إلها غيره؟ فقال لهم: لا إله إلا الله بذلك أمرت، فنزلت الآية فيهم.
قوله عز وجل:
[سورة الأنعام (6) : الآيات 20 الى 21]
الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (20) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21)
الَّذِينَ رفع بالابتداء وخبره يَعْرِفُونَهُ والْكِتابَ معناه التوراة والإنجيل وهو لفظ مفرد يدل على الجنس، والضمير في يَعْرِفُونَهُ عائد في بعض الأقوال على التوحيد لقرب قوله: قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ [الأنعام: 19] وهذا استشهاد في ذلك على كفرة قريش والعرب بأهل الكتاب، والَّذِينَ خَسِرُوا على هذا التأويل منقطع مرفوع بالابتداء وليس من صفة الَّذِينَ الأولى، لأنه لا يصح أن يستشهد بأهل الكتاب ويذمون في آية واحدة.
قال القاضي أبو محمد: وقد يصح ذلك لاختلاف ما استشهد فيه بهم وما ذموا فيه، وأن الذم والاستشهاد ليس من جهة واحدة، وقال قتادة والسدي وابن جريج: الضمير عائد في يَعْرِفُونَهُ على محمد
نام کتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز نویسنده : ابن عطية جلد : 2 صفحه : 276