نام کتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز نویسنده : ابن عطية جلد : 2 صفحه : 260
ما قد تبين آنفا. وبمثل هذه القراءة قرأ الكسائي وزاد أنه أدغم اللام في التاء. قال أبو علي: وذلك حسن، وأَنْ في قوله أَنْ يُنَزِّلَ على هذه القراءة متعلقة بالمصدر المحذوف الذي هو سؤال. وأَنْ مفعول به إذ هو في حكم المذكور في اللفظ وإن كان محذوفا منه إذ لا يتم المعنى إلا به.
قال القاضي أبو محمد: وقد يمكن أن يستغنى عن تقدير سؤال على أن يكون المعنى هل يستطيع أن ينزل ربك بدعائك أو بأثرتك عنده ونحوه هذا، فيردك المعنى ولا بد إلى مقدر يدل عليه ما ذكر من اللفظ، و «المائدة» فاعلة من ماد إذا تحرك، هذا قول الزجّاج أو من ماد إذا ماد وأطعم كما قال رؤبة:
تهدى رؤوس المترفين الأنداد ... إلى أمير المؤمنين الممتاد
أي الذي يستطعم ويمتاد منه، وقول عيسى عليه السلام اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ تقرير لهم كما تقول افعل كذا وكذا إن كنت رجلا، ولا خلاف احفظه في أن الحواريين كانوا مؤمنين، وهذا هو ظاهر الآية، وقال قوم قال الحواريون هذه المقالة في صدر الأمر قبل علمهم بأنه يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ويظهر من قوله عليه السلام اتَّقُوا اللَّهَ إنكار لقولهم ذلك، وذلك على قراءة من قرأ «يستطيع» بالياء من أسفل متوجه على أمرين: أحدهما: بشاعة اللفظ، والآخر إنكار طلب الآيات والتعرض إلى سخط الله بها والنبوات ليست مبنية على أن تتعنت وأما على القراءة الأخرى فلم ينكر عليهم إلا الاقتراح وقلة طمأنينتهم إلى ما قد ظهر من آياته.
فلما خاطبهم عليه السلام بهذه المقالة صرحوا بالمذاهب التي حملتهم على طلب المائدة، فقالوا:
نريد أن نأكل منها فنشرف في العالم.
قال القاضي أبو محمد: لأن هذا الأكل ليس الغرض منه شبع البطن. وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا معناه يسكن فكرنا في أمرك بالمعاينة لأمر نازل من السماء بأعيننا وَنَعْلَمَ علم الضرورة والمشاهدة أن قد صدقتنا فلا تعترضنا الشبه التي تعرض في علم الاستدلال.
قال القاضي أبو محمد: وبهذا يترجح قول من قال كان هذا قبل علمهم بآياته. ويدل أيضا على ذلك أن وحي الله إليهم أن آمنوا إنما كان في صدر الأمر وعند ذلك قالوا هذه المقالة ثم آمنوا ورأوا الآيات واستمروا وصبروا. وهلك من كفر وقرأ سعيد بن جبير و «يعلم» بالياء مضمومة على ما لم يسم فاعله، وقولهم وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ معناه من الشاهدين بهذه الآية الناقلين لها إلى غيرنا الداعين إلى هذا الشرع بسببها.
قال القاضي أبو محمد: وروي أن الذي نحا بهم هذا المنحى من الاقتراح هو أن عيسى عليه السلام قال لهم مرة هل لكم في صيام ثلاثين يوما لله، ثم إن سألتموه حاجة قضاها؟ فلما صاموها قالوا: يا معلم الخير إن حق من عمل عملا أن يطعم، فهل يستطيع ربك؟ فأرادوا أن تكون المائدة عند ذلك الصوم.
قوله عز وجل:
نام کتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز نویسنده : ابن عطية جلد : 2 صفحه : 260