نام کتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز نویسنده : ابن عطية جلد : 2 صفحه : 236
السبت، ومِنَ تحتمل أن تكون للتبعيض، فالمعنى من صيد البر دون البحر، ذهب إليه الطبري وغيره، ويحتمل أن يكون التبعيض في حالة الحرمة إذ قد يزول الإحرام ويفارق الحرم، فصيد بعض هذه الأحوال بعض الصيد على العموم، ويجوز أن تكون لبيان الجنس، قال الزجّاج وهذا كما تقول لأمتحننك بشيء من الورق، وكما قال تعالى فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ [الحج: 30] وقوله بِشَيْءٍ يقتضي تبعيضا ما وقد قال كثير من الفقهاء إن الباء في قوله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ [المائدة: 6] أعطت تبعيضا ما، وقرأ ابن وثاب والنخعي «يناله» بالياء منقوطة من تحت، وقال مجاهد الأيدي تنال الفراخ والبيض وما لا يستطيع أن يفر، والرماح تنال كبار الصيد.
قال القاضي أبو محمد: والظاهر أن الله تعالى خص الأيدي بالذكر لأنها عظم المتصرف في الاصطياد، وهي آلة الآلات وفيها تدخل الجوارح والحبالات، وما عمل باليد من فخاخ وشباك، وخص الرماح بالذكر لأنها عظم ما يجرح به الصيد وفيها يدخل السهم ونحوه، واحتج بعض الناس على أن الصيد للآخذ لا للمثير بهذه الآية، لأن المثير لم تنل يده ولا رمحه بعد شيئا، وقوله تعالى لِيَعْلَمَ معناه ليستمر علمه عليه وهو موجود إذ علم تعالى ذلك في الأزل. وقرأ الزهري «ليعلم الله» بضم الياء وكسر اللام أي ليعلم عباده، وبِالْغَيْبِ قال الطبري معناه في الدنيا حيث لا يرى العبد ربه فهو غائب عنه، والظاهر أن المعنى بالغيب من الناس أي في الخلوة فمن خاف الله انتهى عن الصيد من ذات نفسه، وقد خفي له لو صاد، ثم توعد تعالى من اعتدى بعد هذا النهي الذي يأتي وهو الذي أراد بقوله لَيَبْلُوَنَّكُمُ وأشار إليه قوله ذلِكَ والعذاب الأليم هو عذاب الآخرة.
قوله عز وجل:
[سورة المائدة (5) : آية 95]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (95)
الخطاب لجميع المؤمنين، وهذا النهي هو الابتلاء الذي أعلم به قوله قبل لَيَبْلُوَنَّكُمُ [المائدة: 94] والصَّيْدَ مصدر عومل معاملة الأسماء فأوقع على الحيوان المصيد، ولفظ الصيد هنا عام ومعناه الخصوص فيما عدا الحيوان الذي أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم قتله في الحرم، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خمس فواسق يقتلن في الحرم الغراب والحدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور» ووقف مع ظاهر هذا الحديث سفيان الثوري والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه فلم يبيحوا للمحرم قتل شيء سوى ما ذكر، وقاس مالك رحمه الله على الكلب العقور كل ما كلب على الناس وعقرهم ورآه داخلا في اللفظ فقال للمحرم أن يقتل الأسد والنمر والفهد والذئب وكل السباع العادية مبتدئا بها، فأما الهر والثعلب والضبع فلا يقتلها المحرم وإن قتلها فدى، وقال أصحاب الرأي إن بدأ السبع المحرم فله أن يقتله، وإن ابتدأه المحرم فعليه قيمته، وقال مجاهد والنخعي لا يقتل المحرم من السباع إلا ما عدا
نام کتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز نویسنده : ابن عطية جلد : 2 صفحه : 236