responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 6  صفحه : 81
يَوْمٍ مِنْ سَفَرٍ فَصَنَعَ طَعَامًا فَدَعَا النَّاسَ وَدَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَرَّبَ الطَّعَامَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَنَا بِآكِلٍ طَعَامَكَ حَتَّى تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ" فَقَالَ عُقْبَةُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَعَامِهِ، وَكَانَ عُقْبَةُ صَدِيقًا لِأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ، فَلَمَّا أَخْبَرَ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ قَالَ لَهُ: يَا عُقْبَةُ صَبَأْتَ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا صَبَأْتُ، وَلَكِنْ دَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ طَعَامِي إِلَّا أَنْ أَشْهَدَ لَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَيْتِي وَلَمْ يَطْعَمْ، فَشَهِدَتُ لَهُ فَطَعَمَ، فَقَالَ: مَا أَنَا بِالَّذِي أَرْضَى عَنْكَ أَبَدًا إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُ فَتَبْزُقَ فِي وَجْهِهِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ عُقْبَةُ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَا أَلْقَاكَ خَارِجًا مِنْ مَكَّةَ إِلَّا عَلَوْتُ رَأْسَكَ بِالسَّيْفِ" فَقُتِلَ عُقْبَةُ يَوْمَ بَدْرٍ صَبْرًا. وَأَمَّا أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ فَقَتْلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ بِيَدِهِ (1)
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: لَمَّا بَزَقَ عُقْبَةُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ بُزَاقُهُ فِي وَجْهِهِ فَاحْتَرَقَ خَدَّاهُ، وَكَانَ أَثَرُ ذَلِكَ فِيهِ حَتَّى الْمَوْتِ [2] . وَقَالَ الشَّعْبِيُّ [3] كَانَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مَعِيطٍ خَلِيلَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ فَأَسْلَمَ عُقْبَةُ، فَقَالَ أُمَيَّةُ: وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ أَنْ بَايَعْتَ مُحَمَّدًا، فَكَفَرَ وَارْتَدَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ" يَعْنِي: عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مَعِيطِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ مَنَافٍ "عَلَى يَدَيْهِ" نَدَمًا وَأَسَفًا عَلَى مَا فَرَّطَ فِي جَنْبِ اللَّهِ، وَأَوْبَقَ نَفْسَهُ بِالْمَعْصِيَةِ وَالْكُفْرِ بِاللَّهِ بِطَاعَةِ خَلِيلِهِ الَّذِي صَدَّهُ عَنْ سَبِيلِ رَبِّهِ. قَالَ عَطَاءٌ: يَأْكُلُ يَدَيْهِ حَتَّى تَبْلُغَ مِرْفَقَيْهِ ثُمَّ تَنْبُتَانِ، ثُمَّ يَأْكُلُ هَكَذَا، كُلَّمَا نَبَتَتْ يَدُهُ أَكَلَهَا تَحَسُّرًا عَلَى مَا فعل. {يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ} فِي الدُّنْيَا، {مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا} لَيْتَنِي اتَّبَعْتُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاتَّخَذْتُ مَعَهُ سَبِيلًا إِلَى الْهُدَى. قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو: "يَا لَيْتَنِيَ اتَّخَذْتُ" بِفَتْحِ الْيَاءِ، والآخرون بإسكانها.
{يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا (29) }
{يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا} يَعْنِي: أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ. {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ} عَنِ الْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ، {بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي} يَعْنِي: الذَّكَرَ مَعَ الرَّسُولِ، {وَكَانَ الشَّيْطَانُ} وَهُوَ كُلُّ مُتَمَرِّدٍ عَاتٍ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَكُلُّ مَنْ صَدَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَيْطَانٌ. {لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} أَيْ: تَارِكًا يَتْرُكُهُ وَيَتَبَرَّأُ مِنْهُ عِنْدَ نُزُولِ الْبَلَاءِ وَالْعَذَابِ، وَحُكْمُ هَذِهِ الْآيَةِ عَامٌ فِي حَقِّ كُلِّ مُتَحَابِّينَ اجْتَمَعَا عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ.

(1) أخرجه ابن مردويه وأبو نعيم في "الدلائل" بسند صحيح من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس. الدر المنثور: 6 / 250، الفتح السماوي للمناوي: 2 / 880، أسباب النزول للواحدي ص (385) .
[2] أسباب النزول للواحدي ص (386) ، القرطبي: 13 / 26.
[3] أسباب النزول ص (385) ، الطبري: 19 / 8 باختصار.
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 6  صفحه : 81
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست