responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 6  صفحه : 79
قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي عَوْذًا مُعَاذًا، يَسْتَعِيذُونَ بِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ [1] .
{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24) }
{وَقَدِمْنَا} وَعَمَدْنَا، {إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} أَيْ: بَاطِلًا لَا ثَوَابَ لَهُ، فَهُمْ لَمْ يَعْمَلُوهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَاخْتَلَفُوا فِي "الْهَبَاءِ"، قَالَ عَلَيٌّ" هُوَ مَا يُرَى فِي الْكُوَّةِ إِذَا وَقَعَ ضَوْءُ الشَّمْسِ فِيهَا كَالْغُبَارِ، وَلَا يَمَسُّ بِالْأَيْدِي، وَلَا يْرَى فِي الظِّلِّ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدِ، وَ"الْمَنْثُورُ": الْمُتَفَرِّقُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ مَا تَسَفِّيهِ الرِّيَاحُ وَتَذْرِيهِ مِنَ التُّرَابِ وَحُطَامِ الشَّجَرِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُوَ مَا يَسْطَعُ مِنْ حَوَافِرِ الدَّوَابِّ عِنْدَ السَّيْرِ. وَقِيلَ: "الْهَبَاءُ الْمَنْثُورُ": مَا يُرَى فِي الْكُوَّةِ، وَ"الْهَبَاءُ الْمُنْبَثُّ": هُوَ مَا تُطَيِّرُهُ الرِّيَاحُ مِنْ سَنَابِكِ الْخَيْلِ [2] . قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا} أَيْ: مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْمُتَكَبِّرِينَ، {وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} مَوْضِعَ قَائِلَةٍ، يَعْنِي: أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا يَمُرُّ بِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا قَدْرَ النَّهَارِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى وَقْتِ الْقَائِلَةِ حَتَّى يَسْكُنُوا مَسَاكِنَهُمْ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَا يَنْتَصِفُ النَّهَارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقِيلَ أَهْلَ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَهْلَ النَّارِ فِي النَّارِ، وَقَرَأَ "ثُمَّ إِنَّ مَقِيلَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ" هَكَذَا كَانَ يَقْرَأُ [3] . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: الْحِسَابُ ذَلِكَ الْيَوْمُ فِي أَوَّلِهِ، وَقَالَ الْقَوْمُ حِينَ قَالُوا فِي مَنَازِلِهِمْ فِي الْجَنَّةِ.

[1] ذكر الطبري هذه الأقوال واختار منها أن الملائكة يقولون للمجرمين: حجرا محجورا، حراما محرما عليكم اليوم البشرى أن تكون لكم من الله. انظر: تفسير الطبري: 19 / 2-3.
[2] انظر هذه الأقوال في الطبري: 19 / 4-5، الدر المنثور: 6 / 246، زاد المسير: 6 / 83. وقال ابن كثير رحمه الله (3 / 315) : "وحاصل هذه الأقوال: التنبيه على مضمون الآية، وذلك أنهم عملوا أعمالا اعتقدوا أنها على شيء، فلما عرضت على الملك الحَكَم العدل الذي لا يجور ولا يظلم أحدا، إذا أنها لا شيء بالكلية، وشبهت في ذلك بالشيء التافه الحقير المتفرق الذي لا يقدر صاحبه منه على شيء بالكلية، كما قال تعالى: "مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح". وقال أيضا: "أخبر أنه لا يحصل لهؤلاء المشركين -من الأعمال التي ظنوا أنها منجاة لهم- شيء، وذلك لأنها فقدت الشرط الشرعي؛ إما الإخلاص فيها، وإما المتابعة لشرع الله. فكل عمل لا يكون خالصا وعلى الشريعة المرضية فهو باطل، فأعمال الكفار لا تخلو من واحد من هذين، وقد تجمعهما معا فتكون أبعد من القبول حينئذ".
[3] الطبري: 19 / 5.
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 6  صفحه : 79
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست