responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 6  صفحه : 51
{رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38) }
{رِجَالٌ} قِيلَ: خَصَّ الرِّجَالَ بِالذِّكْرِ فِي هَذِهِ الْمَسَاجِدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ جُمُعَةٌ وَلَا جَمَاعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ، {لَا تُلْهِيهِمْ} لَا تُشْغِلُهُمْ، {تِجَارَةٌ} قِيلَ خَصَّ التِّجَارَةَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا أَعْظَمُ مَا يَشْتَغِلُ بِهِ الْإِنْسَانُ عَنِ الصَّلَاةِ وَالطَّاعَاتِ، وَأَرَادَ بِالتِّجَارَةِ الشِّرَاءَ وَإِنْ كَانَ اسْمُ التِّجَارَةِ يَقَعُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ جَمِيعًا لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْبَيْعَ بَعْدَ هَذَا، كَقَوْلِهِ: "وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً" (الْجُمُعَةِ-11) يَعْنِي: الشِّرَاءَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: التِّجَارَةُ لِأَهْلِ الْجَلْبِ وَالْبَيْعِ مَا بَاعَهُ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْهِ. قَوْلُهُ: {وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} عَنْ حُضُورِ الْمَسَاجِدِ لِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، {وَإِقَامِ} أَيْ: لِإِقَامَةِ، {الصَّلَاةِ} حَذَفَ الْهَاءَ وَأَرَادَ أَدَاءَهَا فِي وَقْتِهَا، لِأَنَّ مَنْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا لَا يَكُونُ مِنْ مُقِيمِي الصَّلَاةِ، وَأَعَادَ ذِكْرَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِإِقَامِ الصَّلَاةِ حِفْظَ الْمَوَاقِيتِ. رَوَى سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي السُّوقِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَقَامَ النَّاسُ وَأَغْلَقُوا حَوَانِيتَهُمْ فَدَخَلُوا الْمَسْجِدَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فِيهِمْ نَزَلَتْ: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ} (1)
{وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ} الْمَفْرُوضَةِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذَا حَضَرَ وَقْتُ أَدَاءِ الزَّكَاةِ لَمْ يَحْبِسُوهَا. وَقِيلَ: هِيَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ. {يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} قِيلَ: تَتَقَلَّبُ الْقُلُوبُ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا مِنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ، وَتَنْفَتِحُ الْأَبْصَارُ مِنَ الْأَغْطِيَةِ، وَقِيلَ: تَتَقَلَّبُ الْقُلُوبُ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ تَخْشَى الْهَلَاكَ وَتَطْمَعُ فِي النَّجَاةِ، وَتَقَلُّبُ الْأَبْصَارِ مِنْ هَوْلِهِ أَيْ: نَاحِيَةَ يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ أَمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، وَمِنْ أَيْنَ يُؤْتُونَ الْكُتُبَ أَمْ من قبل الأيمان أم مِنْ قِبَلِ الشَّمَائِلِ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقِيلَ: تَتَقَلَّبُ الْقُلُوبُ فِي الْجَوْفِ فَتَرْتَفِعُ إِلَى الْحَنْجَرَةِ فَلَا تَنْزِلُ وَلَا تَخْرُجُ، وَتَقَلُّبُ الْبَصَرِ شُخُوصُهُ مِنْ هَوْلِ الْأَمْرِ وَشِدَّتِهِ. {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} يُرِيدُ: أَنَّهُمُ اشْتَغَلُوا بِذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسُنَ مَا عَمِلُوا، أَيْ بِأَحْسَنَ مَا عَمِلُوا، يُرِيدُ: يَجْزِيهِمْ بِحَسَنَاتِهِمْ، وَمَا كَانَ مِنْ مَسَاوِئِ أَعْمَالِهِمْ لَا يَجْزِيهِمْ بِهَا، {وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} مَا لَمْ يَسْتَحِقُّوهُ بِأَعْمَالِهِمْ، {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} ثُمَّ ضَرَبَ لِأَعْمَالِ الْكُفَّارِ مَثَلًا فَقَالَ تَعَالَى:

(1) أخرجه الطبري: 18 / 146، وعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم. انظر: الدر المنثور: 6 / 207.
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 6  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست