responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 6  صفحه : 274
{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) }
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} يَعْنِي: قَحْطَ الْمَطَرِ وَقِلَّةَ النَّبَاتِ، وَأَرَادَ بِالْبَرِّ الْبَوَادِيَ وَالْمَفَاوِزَ، وَبِالْبَحْرِ الْمَدَائِنَ وَالْقُرَى الَّتِي هِيَ عَلَى الْمِيَاهِ الْجَارِيَةِ. قَالَ عِكْرِمَةُ: الْعَرَبُ تُسَمِّي الْمِصْرَ بَحْرًا، تَقُولُ: أَجْدَبَ الْبَرُّ وَانْقَطَعَتْ مَادَّةُ الْبَحْرِ [1] ، {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} أَيْ: بِشُؤْمِ ذُنُوبِهِمْ، وَقَالَ عَطِيَّةُ وَغَيْرُهُ: "الْبَرُّ" ظَهْرُ الْأَرْضِ مِنَ الْأَمْصَارِ وَغَيْرِهَا، وَ"الْبَحْرُ" هُوَ الْبَحْرُ الْمَعْرُوفُ، وَقِلَّةُ الْمَطَرِ كَمَا تُؤَثِّرُ الْبَرِّ تُؤَثِّرُ فِي الْبَحْرِ فَتَخْلُوا أَجْوَافُ الْأَصْدَافِ لِأَنَّ الصَّدَفَ إِذَا جَاءَ الْمَطَرُ يَرْتَفِعُ إِلَى وَجْهِ الْبَحْرِ وَيَفْتَحُ فَاهُ فَمَا يَقَعُ فِي فِيهِ مِنَ الْمَطَرِ صَارَ لُؤْلُؤًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَمُجَاهِدٌ: الْفَسَادُ فِي البر: قتل أحدا بني آدَمَ أَخَاهُ، وَفِي الْبَحْرِ: غَصْبُ الْمَلِكِ الْجَائِرِ السَّفِينَةَ.
قَالَ الضَّحَّاكُ: كَانَتِ الْأَرْضُ خَضِرَةً مُونِقَةً لَا يَأْتِي ابْنُ، آدَمَ شَجَرَةً إِلَّا وَجَدَ عَلَيْهَا ثَمَرَةً، وَكَانَ مَاءُ الْبَحْرِ عَذْبًا وَكَانَ لَا يَقْصِدُ الْأَسَدُ، الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ، فَلَمَّا قَتَلَ قَابِيلُ وهابيل اقْشَعَرَّتِ الْأَرْضُ وَشَاكَتِ الْأَشْجَارُ وَصَارَ مَاءُ الْبَحْرِ مِلْحًا زُعَافًا وَقَصَدَ الْحَيَوَانُ بَعْضُهَا بَعْضًا [2] قَالَ قَتَادَةُ: هَذَا قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْتَلَأَتِ الْأَرْضُ ظُلْمًا وَضَلَالَةً، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ رَاجِعُونَ مِنَ النَّاسِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ مِنَ الْمَعَاصِي، يَعْنِي كُفَّارَ مَكَّةَ [3] .
{لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} أَيْ: عُقُوبَةَ بَعْضِ الَّذِي عَمِلُوا مِنَ الذُّنُوبِ، {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} عَنِ الْكُفْرِ وَأَعْمَالِهِمُ الْخَبِيثَةِ.

[1] معاني القرآن للفراء: 2 / 325.
[2] قال الطبري (21 / 50) : "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن الله تعالى ذكره، أخبر أن الفساد قد ظهر في البر والبحر عند العرب في الأرض والقفار، والبحر بحران: بحر ملح، وبحر عذب، فهما جميعا عندهم بحر، ولم يخصص -جل ثناؤه- الخبر عن ظهور ذلك في بحر دون بحر، فذلك على ما وقع عليه اسم بحر، عذبا كان أو ملحا. وإذا كان ذلك كذلك، دخل القرى التي على الأنهار والبحار". وقال ابن عطية: (12 / 265) : وظهور الفساد فيما هو بارتفاع البركات ونزول رزايا، وحدوث فتن، وتغلب عدو كافر، وهذه الثلاثة توجد في البر والبحر.. وقلما توجد أمة فاضلة مطيعة، مستقيمة الأعمال، إلا يدفع الله عنها هذه. والأمر بالعكس في أهل المعاصي وبطر النعمة، وكذلك كان أمر البلاد في وقت مبعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قد كان الظلم عم الأرض برا وبحرا، وقد جعل الله هذه الأشياء ليجازي بها على المعاصي فيذيق الناس عاقبة إذنابهم (مصدر أذنب) لعلهم يتوبون ويراجعون بصائرهم في طاعة الله تعالى".
[3] البحر المحيط: 7 / 176.
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 6  صفحه : 274
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست