responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 6  صفحه : 252
بِالْمَعَاصِي وَلَا يُمْكِنُهُ تَغْيِيرُ ذَلِكَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى حَيْثُ يَتَهَيَّأُ لَهُ الْعِبَادَةُ [1] . وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ تَخَلَّفُوا عَنِ الْهِجْرَةِ بِمَكَّةَ، وَقَالُوا: نَخْشَى، إِنْ هَاجَرْنَا، مِنَ الْجُوعِ وَضِيقِ الْمَعِيشَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ وَلَمْ يَعْذُرْهُمْ بِتَرْكِ الْخُرُوجِ. وَقَالَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: "أَرْضِيَ وَاسِعَةٌ" أَيْ: رِزْقِي لَكُمْ وَاسِعٌ فَاخْرُجُوا [2] .
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59) وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60) }
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} خَوَّفَهُمْ بِالْمَوْتِ لِيُهَوِّنَ عَلَيْهِمُ الْهِجْرَةَ، أَيْ: كُلُّ وَاحِدٍ مَيِّتٌ أَيْنَمَا كَانَ فَلَا تُقِيمُوا بِدَارِ الشِّرْكِ خَوْفًا مِنَ الْمَوْتِ، {ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} فَنَجْزِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ، وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ: "يُرْجَعُونَ بِالْيَاءِ".
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ} قَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ: بِالثَّاءِ سَاكِنَةً مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، يُقَالُ: ثَوَى الرَّجُلُ إِذَا أَقَامَ، وَأَثْوَيْتُهُ: إِذَا أَنْزَلْتُهُ مَنْزِلًا يُقِيمُ فِيهِ. وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْبَاءِ وَفَتْحِهَا وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَهَمْزَةٍ بَعْدَهَا، أَيْ: لَنُنْزِلَنَّهُمْ، {مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا} عَلَالِيَ، {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}
{الَّذِينَ صَبَرُوا} عَلَى الشَّدَائِدِ وَلَمْ يَتْرُكُوا دِينَهُمْ لِشِدَّةٍ لَحِقَتْهُمْ، {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} يَعْتَمِدُونَ.
{وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ كَانُوا بِمَكَّةَ وَقَدْ آذَاهُمُ الْمُشْرِكُونَ: "هَاجَرُوا إِلَى الْمَدِينَةِ"، فَقَالُوا: كَيْفَ نَخْرُجُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَيْسَ لَنَا بِهَا دَارٌ وَلَا مَالٌ، فَمَنْ يُطْعِمُنَا بِهَا وَيَسْقِينَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ} [3] ذَاتِ حَاجَةٍ إِلَى غِذَاءٍ، {لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} أَيْ: لَا تَرْفَعُ رِزْقَهَا مَعَهَا وَلَا تَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ مِثْلَ الْبَهَائِمِ وَالطَّيْرِ، {اللَّهُ، يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ}

[1] الطبري: 21 / 9، الدر المنثور: 6 / 474، زاد المسير: 6 / 281.
[2] أخرجه الطبري عنه: 21 / 10، ورجح القول الأول، لدلالة قوله تعالى: "فإياي فاعبدون" على ذلك، وأن ذلك هو أظهر معنييه، وذلك أن الأرض إذا وصفها بسعة، فالغالب من وصفه إياها بذلك أنها لا تضيق جميعها على من ضاق عليه منها موضع، لا أنه وصفها بكثرة الخير والخصيب.
[3] ذكره ابن الجوزي عن ابن عباس دون سند: 6 / 282، والقرطبي: 13 / 360، وفيه الحديث الضعيف الآتي.
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 6  صفحه : 252
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست