نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد جلد : 3 صفحه : 29
مِنْ كُلِّ سِبْطٍ نَقِيبًا يَكُونُ كَفِيلًا عَلَى قَوْمِهِ بِالْوَفَاءِ مِنْهُمْ عَلَى مَا أُمِرُوا بِهِ، فَاخْتَارَ مُوسَى النُّقَبَاءَ وَسَارَ مُوسَى بِبَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى قَرُبُوا مِنْ أَرْيَحَاءَ فَبَعَثَ هَؤُلَاءِ النُّقَبَاءَ يَتَجَسَّسُونَ لَهُ الْأَخْبَارَ وَيَعْلَمُونَ عِلْمَهَا، فَلَقِيَهُمْ رَجُلٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ يُقَالُ لَهُ عُوجُ بن عُنُقٍ، وَكَانَ طُولُهُ ثلاثة آلاف وثلثمائة وثلاث وَثَلَاثِينَ ذِرَاعًا وَثُلُثَ ذِرَاعٍ، وَكَانَ يَحْتَجِرُ بِالسَّحَابِ وَيَشْرَبُ مِنْهُ وَيَتَنَاوَلُ الْحُوتَ مِنْ قَرَارِ الْبَحْرِ فَيَشْوِيهِ بِعَيْنِ الشَّمْسِ يَرْفَعُهُ إِلَيْهَا ثُمَّ يَأْكُلُهُ، وَيُرْوَى أَنَّ الْمَاءَ طَبَقَ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ جَبَلٍ وَمَا جَاوَزَ رُكْبَتَيْ عُوجٍ وَعَاشَ ثَلَاثَةَ آلَافِ سَنَةٍ حَتَّى أَهْلَكَهُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَاءَ [وَقَلَعَ] [1] صَخْرَةً مِنَ الْجَبَلِ عَلَى قَدْرِ عَسْكَرِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَانَ فَرْسَخًا فِي فَرْسَخٍ، وَحَمَلَهَا لِيُطْبِقَهَا عَلَيْهِمْ فَبَعَثَ اللَّهُ الْهُدْهُدَ فَقَوَّرَ الصَّخْرَةَ بِمِنْقَارِهِ فَوَقَعَتْ فِي عُنُقِهِ فَصَرَعَتْهُ، فَأَقْبَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ مَصْرُوعٌ فَقَتَلَهُ، وَكَانَتْ أُمُّهُ [عُنُقَ] [2] إِحْدَى بَنَاتِ آدَمَ وَكَانَ مَجْلِسُهَا [جَرِيبًا] [3] مِنَ الْأَرْضِ، فَلَمَّا لَقِيَ عُوجٌ النُّقَبَاءَ وَعَلَى رَأْسِهِ حَزْمَةُ حَطَبٍ أَخَذَ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَجَعَلَهُمْ فِي حُجْزَتِهِ وَانْطَلَقَ بِهِمْ إِلَى امْرَأَتِهِ، وَقَالَ انْظُرِي إِلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ قِتَالَنَا، وَطَرَحَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهَا وَقَالَ: أَلَا أَطْحَنُهُمْ بِرِجْلِي؟ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: لَا بَلْ خَلِّ عَنْهُمْ حَتَّى يُخْبِرُوا قَوْمَهُمْ بِمَا رَأَوْا، فَفَعَلَ ذَلِكَ [4] .
وَرُوِيَ أَنَّهُ جَعَلَهُمْ فِي كُمِّهِ وَأَتَى بِهِمْ إِلَى الْمَلِكِ فَطَرَحَهُمْ [5] بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ الْمَلِكُ: ارْجِعُوا فَأَخْبِرُوهُمْ بِمَا رَأَيْتُمْ، وَكَانَ لَا يَحْمِلُ عُنْقُودًا مِنْ عِنَبِهِمْ إِلَّا خَمْسَةَ أَنْفُسٍ مِنْهُمْ فِي خَشَبَةٍ، وَيَدْخُلُ فِي شَطْرِ الرُّمَّانَةِ إِذَا نُزِعَ مِنْهَا حَبُّهَا خَمْسَةُ أَنْفُسٍ، فَرَجَعَ النُّقَبَاءُ وَجَعَلُوا يَتَعَرَّفُونَ أَحْوَالَهُمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ يَا قَوْمِ: إِنَّكُمْ إِنْ أَخْبَرْتُمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ خَبَرَ الْقَوْمِ ارْتَدُّوا عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ وَلَكِنِ اكْتُمُوا، وَأَخْبِرُوا مُوسَى وَهَارُونَ فَيَرَيَانِ رَأْيَهُمَا وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضِهِمُ الْمِيثَاقَ بِذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّهُمْ نَكَثُوا الْعَهْدَ وَجَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ [1] في "أ": (وقوَّر) . [2] زيادة من "ب". [3] زيادة من "ب":. [4] ذكر قصة عوج بن عنق هذه: الإمام الطبري في التفسير: 6 / 174-175 (طبع الحلبي) ، والسيوطي في الدر المنثور: 3 / 48-49 وغيرهما من المفسرين. وهي من الروايات الإسرائيلية والخرافات التي دسّها أعداء الإسلام وروّجوا لها. وقد نقلها الحافظ ابن كثير رحمه الله عن الطبري وقال: "وفي هذا الإسناد نظر" ثم نقل رواية ابن أبي حاتم وقال: "وهذا شيء يُسْتحى من ذكره، ثم هو مخالف لما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن الله خلق آدم وطوله ستون ذراعا، ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن". ثم ذكروا أن هذا الرجل كان كافرا وأنه ولد زنية، وأنه امتنع من ركوب سفينة نوح، وأن الطوفان لم يصل إلى ركبتيه. وهذا كذب وافتراء. فإن الله تعالى ذكر أن نوحا دعا على أهل الأرض من الكافرين، فقال: "ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا" وقال تعالى: "فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون، ثم أغرقنا بعد الباقين"، وقال تعالى: "لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم"، وإذا كان ابن نوح الكافر غرق فكيف يبقى عوج بن عنق وهو كافر وولد زنية؟ هذا لا يسوغ في عقل ولا شرع. ثم في وجود رجل يقال له: عوج بن عنق نظر، والله أعلم". تفسير ابن كثير: 2 / 39 طبعة دار الفكر، 1400 هـ. وذكر ابن قيم الجوزية رحمه الله هذه الرواية مثالا لما تقوم الشواهد الصحيحة على بطلانه، ثم قال: "وليس العجب من جرأة هذا الكذاب على الله، إنما العجب ممن يدخل هذا الحديث في كتب العلم من التفسير وغيره، ولا يبين أمره، وهذا عندهم ليس من ذرية نوح، وقد قال الله تعالى: "وجعلنا ذريته هم الباقين"، فأخبر أن كل من بقي على وجه الأرض من ذرية نوح، فلو كان للعوج - هذا - وجود لم يبق بعد نوح ... وأيضا فإن بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام، وسمكها كذلك، وإذا كانت الشمس في السماء الرابعة، فبيننا وبينها هذه المسافة العظيمة، فكيف يصل إليها طول ثلاثة آلاف ذراع، حتى يشوي في عينها الحوت؟ ولا ريب أن هذا وأمثاله من وضع زنادقة أهل الكتاب الذين قصدوا السخرية والاستهزاء بالرسل وأتباعهم". نقد المنقول أو: المنار المنيف لابن القيم ص (44-45) وانظر: روح المعاني للآلوسي: 6 / 86-87، الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيثمي ص (188) ، الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير للشيخ محمد أبو شهبة، ص (259-262) . البداية والنهاية لابن كثير: 1 / 278. [5] ساقط من "ب".
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد جلد : 3 صفحه : 29