responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 3  صفحه : 225
التُّرَابِ وَإِلَى التُّرَابِ يَعُودُونَ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: "مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ" (طَهَ، 55) .
{فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30) }

{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) }
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَرِيقًا هَدَى} أَيْ هَدَاهُمُ اللَّهُ، {وَفَرِيقًا حَقَّ} وَجَبَ {عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} أَيْ: بِالْإِرَادَةِ السَّابِقَةِ، {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ الَّذِي يَظُنُّ أَنَّهُ فِي دِينِهِ عَلَى الْحَقِّ وَالْجَاحِدَ وَالْمُعَانِدَ سَوَاءٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ: كَانَتْ بَنُو عَامِرٍ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ"، يَعْنِي الثِّيَابَ. قَالَ مُجَاهِدٌ: مَا يُوَارِي عَوْرَتَكَ وَلَوْ عَبَاءَةٌ.
قَالَ الْكَلْبِيُّ: الزِّينَةُ مَا يُوَارِي الْعَوْرَةَ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ لِطَوَافٍ أَوْ صَلَاةٍ.
{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} قَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانَتْ بَنُو عَامِرٍ لَا يَأْكُلُونَ فِي أَيَّامِ حَجِّهِمْ مِنَ الطَّعَامِ إِلَّا قُوتًا وَلَا يَأْكُلُونَ دَسَمًا، يُعَظِّمُونَ بِذَلِكَ حَجَّهُمْ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: نَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَفْعَلَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَكُلُوا" يَعْنِي اللَّحْمَ وَالدَّسَمَ "وَاشْرَبُوا" اللَّبَنَ [1] {وَلَا تُسْرِفُوا} بِتَحْرِيمِ مَا أَحِلَّ اللَّهُ لَكُمْ مِنَ اللَّحْمِ وَالدَّسَمِ، {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} الَّذِينَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَتْكَ خَصْلَتَانِ سَرَفٌ وَمَخِيلَةٌ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقَدٍ: قَدْ جَمَعَ اللَّهُ الطِّبَّ كُلَّهُ فِي نِصْفِ آيَةٍ فَقَالَ: "كلوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا".
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} يَعْنِي لِبْسَ الثِّيَابِ فِي الطَّوَافِ، {وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} يَعْنِي اللَّحْمَ وَالدَّسَمَ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ: وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ مَا حَرَّمَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْبَحَائِرِ وَالسَّوَائِبِ.
{قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: هِيَ لِلَّذِينِ آمَنُوا وَلِلْمُشْرِكِينَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَإِنَّ أَهْلَ الشِّرْكِ يُشَارِكُونَ الْمُؤْمِنِينَ فِي طَيِّبَاتِ الدُّنْيَا، وَهِيَ فِي الْآخِرَةِ خَالِصَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ لَا حَظَّ لِلْمُشْرِكِينَ فِيهَا.
وَقِيلَ: هِيَ خَالِصَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ التَّنْغِيصِ وَالْغَمِّ لِلْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا مَعَ التَّنْغِيصِ وَالْغَمِّ.
قَرَأَ نَافِعٌ {خَالِصَةٌ} رَفْعٌ، أَيْ: قُلْ هِيَ لِلَّذِينِ آمَنُوا مُشْتَرِكِينَ فِي الدُّنْيَا، وَهِيَ فِي الْآخِرَةِ خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ. وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْقَطْعِ، {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}

[1] انظر: أسباب النزول للواحدي، ص (260) .
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 3  صفحه : 225
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست