responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 3  صفحه : 217
وَ"لَا" زَائِدَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يرجعون" 128/ب (الْأَنْبِيَاءِ، 95) . {قَالَ} إِبْلِيسُ مُجِيبًا {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} لِأَنَّكَ {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} وَالنَّارُ خَيْرٌ وَأَنْوَرُ مِنَ الطِّينِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوَّلُ مَنْ قَاسَ إِبْلِيسُ فَأَخْطَأَ الْقِيَاسَ، فَمَنْ قَاسَ الدِّينَ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيِهِ قَرَنَهُ اللَّهُ مَعَ إِبْلِيسَ.
قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: مَا عُبِدَتِ الشَّمْسُ إِلَّا بِالْقِيَاسِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: ظَنَّ الْخَبِيثُ أَنَّ النَّارَ خَيْرٌ مِنَ الطِّينِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْفَضْلَ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْفَضْلَ، وَقَدْ فَضَّلَ اللَّهُ الطِّينَ عَلَى النَّارِ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا: أَنَّ مِنْ جَوْهَرِ الطِّينِ الرَّزَانَةُ وَالْوَقَارُ وَالْحِلْمُ وَالصَّبْرُ وَهُوَ الدَّاعِي لِآدَمَ بَعْدَ السَّعَادَةِ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ إِلَى التَّوْبَةِ وَالتَّوَاضُعِ وَالتَّضَرُّعِ فَأَوْرَثَهُ الِاجْتِبَاءَ وَالتَّوْبَةَ وَالْهِدَايَةَ، وَمِنْ جَوْهَرِ النَّارِ الْخِفَّةُ وَالطَّيْشُ وَالْحِدَّةُ وَالِارْتِفَاعُ وَهُوَ الدَّاعِي لِإِبْلِيسَ بَعْدَ الشَّقَاوَةِ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ إِلَى الِاسْتِكْبَارِ وَالْإِصْرَارِ، فَأَوْرَثَهُ اللَّعْنَةَ وَالشَّقَاوَةَ، وَلِأَنَّ الطِّينَ سَبَبُ جَمْعِ الْأَشْيَاءِ وَالنَّارَ سَبَبُ تَفَرُّقِهَا وَلِأَنَّ التُّرَابَ سَبَبُ الْحَيَاةِ، فَإِنَّ حَيَاةَ الْأَشْجَارِ وَالنَّبَاتِ بِهِ، وَالنَّارُ سَبَبُ الْهَلَاكِ.
{قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) }
قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا} أَيْ: مِنَ الْجَنَّةِ، وَقِيلَ: مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَكَانَ لَهُ مُلْكُ الْأَرْضِ فَأَخْرَجَهُ مِنْهَا إِلَى جَزَائِرِ الْبَحْرِ وَعَرْشُهُ فِي الْبَحْرِ الْأَخْضَرِ، فَلَا يَدْخُلُ الْأَرْضَ إِلَّا خَائِفًا عَلَى هَيْئَةِ السَّارِقِ مِثْلَ شَيْخٍ عَلَيْهِ أَطْمَارٌ يَرُوعُ فِيهَا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ} بِمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ، {فِيهَا} أَيْ: فِي الْجَنَّةِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْكُنَ فِي الْجَنَّةِ وَلَا السَّمَاءِ مُتَكَبِّرٌ مُخَالِفٌ لأمر الله تعال: {فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} مِنَ الْأَذِلَّاءِ، وَالصَّغَارُ: الذُّلُّ وَالْمَهَانَةُ.
{قَالَ} إِبْلِيسُ عِنْدَ ذَلِكَ، {أَنْظِرْنِي} أَخِّرْنِي وَأَمْهِلْنِي فَلَا تُمِتْنِي، {إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} مِنْ قُبُورِهِمْ وَهُوَ النَّفْخَةُ الْأَخِيرَةُ عِنْدَ قِيَامِ السَّاعَةِ، أَرَادَ الْخَبِيثُ أَنْ لَا يَذُوقَ الْمَوْتَ.

نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 3  صفحه : 217
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست