responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 3  صفحه : 139
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: [1] الْهَاءُ رَاجِعَةٌ إِلَى الصَّفْقَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ خُسْرَانُ صَفْقَتِهِمْ بِبَيْعِهِمُ الْآخِرَةَ بِالدُّنْيَا قَالُوا: يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا، أَيْ: فِي الصَّفْقَةِ [فَتُرِكَ ذِكْرُ الصفقة] [2] اكتفاء بذكر بِقَوْلِهِ {قَدْ خَسِرَ} لِأَنَّ الْخُسْرَانَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي صَفْقَةِ بَيْعٍ، وَالْحَسْرَةُ شِدَّةُ النَّدَمِ، حَتَّى يَتَحَسَّرَ النَّادِمُ، كَمَا يَتَحَسَّرُ الَّذِي تَقُومُ بِهِ دَابَّتُهُ فِي السَّفَرِ الْبَعِيدِ، {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ} أَثْقَالَهُمْ وَآثَامَهُمْ، {عَلَى ظُهُورِهِمْ} قَالَ السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ +إِذْ أُخْرِجَ مِنْ قَبْرِهِ اسْتَقْبَلَهُ أَحْسَنُ شَيْءٍ صُورَةً وَأَطْيَبُهُ رِيحًا فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: لَا فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ فَارْكَبْنِي، فَقَدْ طَالَمَا رَكِبْتُكَ فِي الدُّنْيَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا) (مَرْيَمَ، 85) أَيْ: رُكْبَانًا، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَسْتَقْبِلُهُ أَقْبَحُ شَيْءٍ صُورَةً وَأَنْتَنُهُ رِيحًا، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: لَا. فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ طَالَمَا رَكِبْتَنِي في الدنيأ 117/ب فَأَنَا الْيَوْمَ أَرْكَبُكَ، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ} {أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} يَحْمِلُونَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِئْسَ الْحِمْلُ حَمَلُوا.
{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} بَاطِلٌ وَغُرُورٌ لَا بَقَاءَ لَهَا {وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ} قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ} مُضَافًا أَضَافَ الدَّارَ إِلَى الْآخِرَةِ، وَيُضَافُ الشَّيْءُ إِلَى نَفْسِهِ عِنْدَ اخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ، كَقَوْلِهِ: (وَحَبَّ الْحَصِيدِ) ، وَقَوْلِهِمْ: رَبِيعُ الْأَوَّلِ وَمَسْجِدُ الْجَامِعِ، سُمِّيَتِ الدُّنْيَا لِدُنُوِّهَا، وَقِيلَ: لِدَنَاءَتِهَا، وَسُمِّيَتِ الْآخِرَةُ لِأَنَّهَا بَعْدَ الدُّنْيَا، {خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} الشِّرْكَ، {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} أَنَّ الْآخِرَةَ أَفْضَلُ مِنَ الدُّنْيَا، قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَابْنُ عَامِرٍ وَيَعْقُوبُ (أَفَلَا تَعْقِلُونَ) بِالتَّاءِ هَاهُنَا وَفِي الْأَعْرَافِ وَسُورَةِ يُوسُفَ ويس، وَوَافَقَ أَبُو بَكْرٍ فِي سُورَةِ يُوسُفَ، وَوَافَقَ حَفْصٌ إِلَّا فِي سُورَةِ يس، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ فِيهِنَّ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ} قَالَ السُّدِّيُّ: الْتَقَى الْأَخْنَسُ بْنُ شُرَيْقٍ وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، فَقَالَ الْأَخْنَسُ لِأَبِي جَهْلٍ يَا أَبَا الْحَكَمِ أَخْبِرْنِي عَنْ مُحَمَّدٍ أَصَادِقٌ هُوَ أَمْ كَاذِبٌ؟ فَإِنَّهُ لَيْسَ هَاهُنَا أَحَدٌ يَسْمَعُ كَلَامَكَ غَيْرِي، قَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَاللَّهِ إِنَّ مُحَمَّدًا لَصَادِقٌ، وَمَا كَذَبَ مُحَمَّدٌ قَطُّ، وَلَكِنْ إِذَا ذَهَبَ بَنُو قُصَيٍّ بِاللِّوَاءِ وَالسِّقَايَةِ وَالْحِجَابَةِ وَالنَّدْوَةِ وَالنُّبُوَّةِ فَمَاذَا يَكُونُ لِسَائِرِ قُرَيْشٍ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ [3] .
وَقَالَ نَاجِيَةُ بْنُ كَعْبٍ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَتَّهِمُكَ وَلَا نُكَذِّبُكَ، وَلَكِنَّا نُكَذِّبُ الَّذِي جِئْتَ

[1] انظر: تفسير الطبري: 11 / 325، وفيه قوله: "والهاء والألف في قوله: "فيها" من ذكر "الصفقة"، ولكن اكتفى بدلالة قوله: "قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله" عليها من ذكرها، إذ كان معلوما أن "الخسران" لا يكون إلا في صفقة بيع قد جرت".
[2] انظر: تفسير الطبري: 11 / 325، وفيه قوله: "والهاء والألف في قوله: "فيها" من ذكر "الصفقة"، ولكن اكتفى بدلالة قوله: "قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله" عليها من ذكرها، إذ كان معلوما أن "الخسران" لا يكون إلا في صفقة بيع قد جرت".
[3] أسباب النزول، ص (249) ، تفسير الطبري: 11 / 333.
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 3  صفحه : 139
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست