responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 3  صفحه : 114
الْكَاذِبَةِ، {فَآخَرَانِ} مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ، {يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا} يَعْنِي: مَقَامَ الْوَصِيَّيْنِ، {مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ} بِضَمِّ التَّاءِ على المجهول، هذا قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ، يَعْنِي: الَّذِينَ اسْتَحَقَّ، {عَلَيْهِمُ} أَيْ فِيهِمْ وَلِأَجْلِهِمُ الْإِثْمَ وَهُمْ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ اسْتَحَقَّ الْحَالِفَانِ بِسَبَبِهِمُ الْإِثْمَ وَ (عَلَى) بِمَعْنَى فِي، كَمَا قَالَ اللَّهُ (عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ) (الْبَقَرَةِ، 102) أَيْ: فِي مُلْكِ سُلَيْمَانَ، وَقَرَأَ حَفْصٌ (اسْتَحَقَّ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْحَاءِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ، أَيْ: حَقٌّ وَوَجَبَ عَلَيْهِمُ الْإِثْمُ، يُقَالُ: حَقَّ وَاسْتَحَقَّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، {الْأَوْلَيَانِ} نَعْتٌ لَلْآخَرَانِ، أَيْ: فَآخَرَانِ الْأَوْلَيَانِ، وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ وَ {الْأَوْلَيَانِ} مَعْرِفَةٌ وَالْآخَرَانِ نَكِرَةٌ لِأَنَّهُ لَمَّا وَصَفَ الْـ"آخَرَانِ"، فَقَالَ {مِنَ الَّذِينَ} صَارَ كَالْمَعْرِفَةِ وَ {الْأَوْلَيَانِ} تَثْنِيَةُ الْأَوْلَى، وَالْأَوْلَى هُوَ الْأَقْرَبُ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَيَعْقُوبَ " الْأَوْلَيِنَ " بِالْجَمْعِ فَيَكُونُ بَدَلًا مِنَ الَّذِينَ، وَالْمُرَادُ مِنْهُمْ أَيْضًا أَوْلِيَاءُ الْمَيِّتِ.
وَمَعْنَى الْآيَةِ: إِذَا ظَهَرَتْ خِيَانَةُ الْحَالِفِينَ يَقُومُ اثْنَانِ آخَرَانِ مِنْ أَقَارِبِ الْمَيِّتِ، {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا} يَعْنِي: يَمِينَنَا أَحَقُّ مِنْ يَمِينِهِمَا، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي اللِّعَانِ: (فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ) (النُّورِ -6) . وَالْمُرَادُ بِهَا الْأَيْمَانُ، فَهُوَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ، أَيْ: أُقْسِمُ بِاللَّهِ، {وَمَا اعْتَدَيْنَا} فِي أَيْمَانِنَا، وَقَوْلِنَا أَنَّ شَهَادَتَنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، {إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ}
فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَالْمَطَّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيَّانِ، فَحَلَفَا بِاللَّهِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَدَفَعَا الْإِنَاءَ إِلَيْهِمَا وَإِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ، وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ بَعْدَمَا أَسْلَمَ يَقُولُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَنَا أَخَذْتُ الْإِنَاءَ، فَأَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ، وَإِنَّمَا انْتَقَلَ الْيَمِينُ إِلَى الْأَوْلِيَاءِ لِأَنَّ الْوَصِيَّيْنِ ادَّعَيَا أَنَّهُمَا ابْتَاعَاهُ.
وَالْوَصِيُّ إِذَا أَخَذَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَقَالَ: إِنَّهُ أَوْصَى لِي بِهِ حَلَفَ الْوَارِثُ، إِذَا أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوِ ادَّعَى رَجُلٌ سِلْعَةً فِي يَدِ رَجُلٍ فَاعْتَرَفَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنَ الْمُدَّعِي، حَلَفَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يَبِعْهَا مِنْهُ.
وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [1] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ: كُنَّا بِعْنَا الْإِنَاءَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَسَّمْتُهَا أَنَا وَعَدِيٌّ، فَلَمَّا أَسْلَمْتُ تَأَثَّمْتُ فَأَتَيْتُ مَوَالِيَ الْمَيِّتِ فَأَخْبَرْتُهُمْ أَنَّ عِنْدَ صَاحِبِي مَثَلَهَا فَأَتَوْا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَلَفَ عَمْرٌو وَالْمُطَّلِبُ فَنَزَعْتُ الْخَمْسَمِائَةٍ مِنْ عَدِيٍّ، وَرَدَدْتُ أَنَا الْخَمْسَمِائَةَ.

[1] في رواية الترمذي السابقة في السنن: 8 / 426-431.
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 3  صفحه : 114
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست