responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 2  صفحه : 47
{فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} مِنْ أَمْرِ الدِّينِ وَأَمْرِ عِيسَى.
{فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56) وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58) إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60) }
{فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا} بِالْقَتْلِ وَالسَّبْيِ وَالْجِزْيَةِ وَالذِّلَّةِ {وَالْآخِرَةِ} أَيْ وَفِي الْآخِرَةِ بِالنَّارِ {وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}
{وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ} قَرَأَ الْحَسَنُ وَحَفْصٌ بِالْيَاءِ، وَالْبَاقُونَ بِالنُّونِ أَيْ نُوَفِّي أُجُورَ أَعْمَالِهِمْ {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} أَيْ لَا يَرْحَمُ الْكَافِرِينَ وَلَا يُثْنِي عَلَيْهِمْ بِالْجَمِيلِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {ذَلِكَ} أَيْ هَذَا الَّذِي ذَكَرْتُهُ لَكَ مِنَ الْخَبَرِ عَنْ عِيسَى وَمَرْيَمَ وَالْحَوَارِيِّينَ {نَتْلُوهُ عَلَيْكَ} [نُخْبِرُكَ بِهِ بِتِلَاوَةِ جِبْرِيلَ عَلَيْكَ] [1] {مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ} يَعْنِي الْقُرْآنَ وَالذِّكْرَ ذِي الْحِكْمَةِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الذِّكْرُ الْحَكِيمُ أَيِ الْمُحْكَمُ الْمَمْنُوعُ مِنَ الْبَاطِلِ وَقِيلَ: الذِّكْرُ الْحَكِيمُ هُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، وَهُوَ مُعَلَّقٌ بِالْعَرْشِ مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ. وَقِيلَ مِنَ الْآيَاتِ أَيِ الْعَلَامَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى نُبُوَّتِكَ لِأَنَّهَا أَخْبَارٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا قَارِئُ كِتَابٍ أَوْ مَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَأَنْتَ أُمِّيٌّ لَا تَقْرَأُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ} الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي وَفْدِ نَجْرَانَ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مالك تَشْتُمُ صَاحِبَنَا؟ قَالَ: وَمَا أَقُولُ قَالُوا: تَقُولُ إِنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَجَلْ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ فَغَضِبُوا وَقَالُوا هَلْ رَأَيْتَ إِنْسَانًا قَطُّ مِنْ غَيْرِ أَبٍ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ} [2] فِي كَوْنِهِ خَلَقَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ كَمَثَلِ آدَمَ لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَأُمٍّ {خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ} يَعْنِي لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ {كُنْ فَيَكُونُ} يَعْنِي فَكَانَ فَإِنْ قِيلَ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ {خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} وَلَا تَكْوِينَ بَعْدَ الْخَلْقِ؟ قِيلَ مَعْنَاهُ ثُمَّ خَلَقَهُ ثُمَّ أَخْبَرَكُمْ أَنِّي قُلْتُ لَهُ: كُنْ فَكَانَ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ فِي الْخَلْقِ كَمَا يَكُونُ فِي الْوِلَادَةِ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِ الرَّجُلِ: أَعْطَيْتُكَ الْيَوْمَ دِرْهَمًا ثُمَّ أَعْطَيْتُكَ أَمْسِ دِرْهَمًا أَيْ ثُمَّ أُخْبِرُكَ أَنِّي أَعْطَيْتُكَ أَمْسِ دِرْهَمًا. وَفِيمَا سَبَقَ مِنَ التَّمْثِيلِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْقِيَاسِ لِأَنَّ الْقِيَاسَ هُوَ رَدُّ فَرْعٍ إِلَى أَصْلٍ بِنَوْعِ شَبَهٍ وَقَدْ رَدَّ اللَّهُ تَعَالَى خَلْقَ عِيسَى إِلَى آدَمَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ بِنَوْعِ شَبَهٍ.

[1] ساقط من أ.
[2] انظر: أسباب النزول للواحدي ص (136) .
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 2  صفحه : 47
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست