responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 2  صفحه : 177
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} أَيْ: يَعْهَدُ إِلَيْكُمْ وَيَفْرِضُ عَلَيْكُمْ فِي أَوْلَادِكُمْ، أَيْ: فِي أَمْرِ أَوْلَادِكُمْ إِذَا مِتُّمْ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. {فَإِنْ كُنَّ} يَعْنِي: الْمَتْرُوكَاتِ مِنَ الْأَوْلَادِ، {نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} أَيْ: ابْنَتَيْنِ فَصَاعِدًا {فَوْقَ} صِلَةٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ" (الْأَنْفَالِ -12) ، {فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ} يَعْنِي: الْبِنْتَ، {وَاحِدَةً} قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِالنَّصْبِ عَلَى خَبَرٍ كَانَ، وَرَفَعَهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَلَى مَعْنَى: إِنْ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ، {فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ} يَعْنِي لِأَبَوَيِ الْمَيِّتِ، كِنَايَةً عَنْ غَيْرِ مَذْكُورٍ، {لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} أَرَادَ أَنَّ الْأَبَ وَالْأُمَّ يَكُونُ لِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سُدُسُ الْمِيرَاثِ عِنْدَ وُجُودِ الْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الِابْنِ، وَالْأَبُ يَكُونُ صَاحِبَ فَرْضٍ {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ {فَلِأُمِّهِ} بكسر الهمزة استثقلالا لِلضَّمَّةِ بَعْدَ الْكَسْرَةِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالضَّمِّ عَلَى الْأَصْلِ {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ ذُكُورًا أَوْ إِنَاثًا {فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} وَالْبَاقِي يَكُونُ لِلْأَبِ إِنْ كَانَ مَعَهَا أَبٌ، وَالْإِخْوَةُ لَا مِيرَاثَ لَهُمْ مَعَ الْأَبِ، وَلَكِنَّهُمْ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ مِنَ الثُّلُثِ إِلَى السُّدُسِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَا يَحْجُبُ الْإِخْوَةُ الْأُمَّ مِنَ الثُّلُثِ إِلَى السُّدُسِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا ثَلَاثَةً، وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ، وَقَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} وَلَا يُقَالُ لِلِاثْنَيْنِ إِخْوَةٌ، فَنَقُولُ اسْمُ الْجَمْعِ قَدْ يَقَعُ عَلَى التَّثْنِيَةِ لِأَنَّ الْجَمْعَ ضَمُّ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الِاثْنَيْنِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا" (التَّحْرِيمِ -4) ذَكَرَ الْقَلْبُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، وَأَضَافَهُ إلى الاثنين 80/أ
قَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو بَكْرٍ {يُوصِي} بِفَتْحِ الصَّادِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَكَذَلِكَ الثَّانِيَةُ، وَوَافَقَ حَفْصَ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِ الصَّادِ لِأَنَّهُ جَرَى ذِكْرُ الْمَيِّتِ مِنْ قَبْلُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا} وَ {تُوصُونَ}
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه "إنكم تقرؤون الْوَصِيَّةَ قَبْلَ الدَّيْنِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ" [1] . وَهَذَا إِجْمَاعٌ أَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ. وَمَعْنَى الْآيَةِ الْجَمْعُ لَا التَّرْتِيبُ، وَبَيَانُ أَنَّ

[1] أخرجه الترمذي في الوصايا، باب ما جاء يبدأ بالدين قبل الوصية: 6 / 314 - 315. وابن ماجه في الوصايا، باب الدين قبل الوصية برقم (1715) : 2 / 906، وأبو داود الطيالسي في مسنده ص (25) ، وأحمد في المسند: 1 / 131 عن علي، والحاكم في المستدرك: 4 / 336، والبيهقي في السنن: 6 / 267، وفيه الحارث الأعور، وهو ضعيف، وأخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن ابن عمر: قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالدين قبل الوصية وأن لا وصية لوارث": نصب الراية: 4 / 405. قال: ابن كثير: 1 / 460 "رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وأصحاب التفاسير من حديث ابن إسحاق عن الحارث بن عبد الله الأعور عن علي بن أبي طالب، قال: ... ثم قال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث الحارث، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم. قلت - ابن كثير: لكن كان حافظا للفرائض معتنيا بها وبالحساب، فالله أعلم". وقال الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير: 3 / 95 " والحارث وإن كان ضعيفا، فإن الإجماع منعقد على وفق ما روى". وقد حسن الألباني الحديث في الارواء: 6 / 107، وانظر أيضا تفسير الطبري بتعليق الشيخ شاكر: 8 / 46 - 47.
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 2  صفحه : 177
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست