responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 2  صفحه : 161
قَالَ الْحَسَنُ: كَانَ الرَّجُلُ مِنَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَكُونُ عِنْدَهُ الْأَيْتَامُ وَفِيهِنَّ مَنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا فَيَتَزَوَّجُهَا لِأَجْلِ مَالِهَا وَهِيَ لَا تُعْجِبُهُ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُدْخِلَهُ غَرِيبٌ فَيُشَارِكُهُ فِي مَالِهَا، ثُمَّ يُسِيءُ صُحْبَتَهَا وَيَتَرَبَّصُ بِهَا أَنْ تَمُوتَ وَيَرِثَهَا، فَعَابَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: كَانَ الرَّجُلُ مِنْ قُرَيْشٍ يَتَزَوَّجُ الْعَشْرَ مِنَ النِّسَاءِ وَالْأَكْثَرَ فَإِذَا صَارَ مُعْدَمًا مِنْ مُؤَنِ نِسَائِهِ مَالَ إِلَى مَالِ يَتِيمِهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ فَأَنْفَقَهُ، فَقِيلَ لَهُمْ: لَا تَزِيدُوا عَلَى أَرْبَعٍ حَتَّى لَا يُحْوِجَكُمْ إِلَى أَخْذِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى، وَهَذِهِ رِوَايَةُ طَاوُوسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ عَنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَيَتَرَخَّصُونَ فِي النِّسَاءِ، فَيَتَزَوَّجُونَ مَا شَاءُوا وَرُبَّمَا عَدَلُوا وَرُبَّمَا لَمْ يَعْدِلُوا، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} يَقُولُ كَمَا خِفْتُمْ أَنْ لَا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَكَذَلِكَ خَافُوا فِي النِّسَاءِ أَنْ لَا تَعْدِلُوا فِيهِنَّ فَلَا تَتَزَوَّجُوا أَكْثَرَ مِمَّا يُمْكِنُكُمُ الْقِيَامَ بِحَقِّهِنَّ، لِأَنَّ النِّسَاءَ فِي الضَّعْفِ كَالْيَتَامَى، وَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ وَالسُّدِّيِّ [1] ، ثُمَّ رَخَّصَ فِي نِكَاحِ أَرْبَعٍ فَقَالَ: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا} فِيهِنَّ {فَوَاحِدَةً} وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَعْنَاهُ إِنْ تَحَرَّجْتُمْ مِنْ وِلَايَةِ الْيَتَامَى وَأَمْوَالِهِمْ إِيمَانًا فَكَذَلِكَ تَحَرَّجُوا مِنَ الزِّنَا فَانْكِحُوا النِّسَاءَ الْحَلَالَ نِكَاحًا طَيِّبًا ثُمَّ بَيَّنَ لَهُمْ عَدَدًا، وَكَانُوا يَتَزَوَّجُونَ مَا شَاءُوا مِنْ غَيْرِ عَدَدٍ، قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} أَيْ: مَنْ طَابَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا" (الشَّمْسِ -5) أَيْ وَمَنْ بَنَاهَا "قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ" (الشُّعَرَاءِ -23) وَالْعَرَبُ تَضَعُ "مَنْ" وَ"مَا" كَلَّ وَاحِدَةٍ مَوْضِعَ الْأُخْرَى، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ" (النُّورِ -45) ، وَطَابَ أَيْ: حَلَّ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ، مَعْدُولاتٍ عَنِ اثْنَيْنِ، وَثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٍ، وَلِذَلِكَ لَا يَنْصَرِفْنَ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، لِلتَّخْيِيرِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى" (سَبَأٍ -46) : "أُولِي أَجْنِحَةٍ مثنى وثلاث 77/ب وَرُبَاعَ" (غَافِرٍ -[1]) وَهَذَا إِجْمَاعٌ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْأُمَّةِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، وَكَانَتِ الزِّيَادَةُ مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا مُشَارَكَةَ مَعَهُ لِأَحَدٍ مِنَ الْأُمَّةِ فِيهَا، وَرُوِيَ أَنَّ قَيْسَ بْنَ الْحَارِثَ كَانَ تَحْتَهُ ثَمَانِ نِسْوَةٍ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "طَلِّقْ أَرْبَعًا وَأَمْسِكْ أَرْبَعًا" قَالَ فَجَعَلَتْ أَقُولُ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي لَمْ تَلِدْ يَا فُلَانَةُ أَدْبِرِي وَالَّتِي قَدْ وَلَدَتْ يَا فُلَانَةُ أَقْبِلِي [2] . وَرُوِيَ أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ الثَّقَفِيَّ أَسْلَمَ

[1] انظر في هذه الأقوال: الطبري: 7 / 534 - 539.
[2] أخرجه أبو داود في الطلاق، باب فيمن أسلم وعنده نساء أكثر من أربعة أو اختان: 3 / 155 عن الحارث بن قيس الأسدي، وقال: وفي رواية: " قيس بن الحارث" وصوبه بعضهم، وابن ماجه في النكاح، باب الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة برقم (1952) : 1 / 628، والبيهقي في السنن: 7 / 183، وابن أبي شيبة في المصنف: 4 / 317. قال المنذري: وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: وقد ضعفه غير واحد من الأئمة، وقال أبو القاسم البغوي: ولا أعلم للحارث بن قيس حديثا غير هذا. وقال أبو عمر النمري - ابن عبد البر -: ليس له إلا حديث واحد، ولم يأت من وجه صحيح. انظر: مختصر سنن أبي داود: 3 / 156. ويشهد له الحديث الآتي بعده، وقد حسن الألباني هذا الحديث في إرواء الغليل: 6 / 295 - 296، وانظر: تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب لابن كثير ص 344 - 345.
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 2  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست