responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 2  صفحه : 141
السَّاعَةِ إِلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ" فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ: فَقَالَ: مَنْ أَبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: حُذَافَةُ فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا وَبِكَ نَبِيًّا فَاعْفُ عَنَّا عَفَا اللَّهُ عَنْكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ"؟ ثُمَّ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ [1] .
وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الْآيَةِ وَنَظْمِهَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَالضَّحَّاكُ وَمُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: الْخِطَابُ لِلْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ يَعْنِي {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} يَا مَعْشَرَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ مِنَ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ {حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}
وَقَالَ قَوْمٌ: الْخِطَابُ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ، مَعْنَاهُ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْتِبَاسِ الْمُؤْمِنِ بِالْمُنَافِقِ، فَرَجَعَ مِنَ الْخَبَرِ إِلَى الْخِطَابِ.
{حَتَّى يَمِيزَ} قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَالتَّشْدِيدِ وَكَذَلِكَ الَّتِي فِي الْأَنْفَالِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْخَفِيفِ يُقَالُ: مَازَ الشَّيْءَ يَمِيزُهُ مَيْزًا وَمَيَّزَهُ تَمْيِيزًا إِذَا فَرَّقَهُ فَامْتَازَ، وَإِنَّمَا هُوَ بِنَفْسِهِ، قَالَ أَبُو مُعَاذٍ إِذَا فَرَّقْتَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ قُلْتَ: مِزْتُ مَيْزًا، فَإِذَا كَانَتْ أَشْيَاءَ قُلْتَ: مَيَّزْتُهَا تَمْيِيزًا وَكَذَلِكَ إِذَا جَعَلْتَ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ شَيْئَيْنِ قُلْتَ: فَرَقْتُ بِالتَّخْفِيفِ وَمِنْهُ فَرْقُ الشَّعْرِ، فَإِنْ جَعَلْتَهُ أَشْيَاءَ قُلْتَ: فَرَّقْتُهُ تَفْرِيقًا، وَمَعْنَى الْآيَةِ حَتَّى يُمَيِّزَ الْمُنَافِقَ مِنَ الْمُخْلِصِ، فَمَيَّزَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ يَوْمَ أُحُدٍ حَيْثُ أَظْهَرُوا النِّفَاقَ وَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: حَتَّى يَمِيزَ الْكَافِرَ مِنَ الْمُؤْمِنِ بِالْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ يَا مَعْشَرَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مَنْ فِي أَصْلَابِكُمْ وَأَرْحَامِ نِسَائِكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَقِيلَ: {حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ} وَهُوَ الْمُذْنِبُ {مِنَ الطَّيِّبِ} وَهُوَ الْمُؤْمِنُ يَعْنِي: حَتَّى يَحُطَّ الْأَوْزَارَ عَنِ الْمُؤْمِنِ بِمَا يُصِيبُهُ مِنْ نَكْبَةٍ وَمِحْنَةٍ وَمُصِيبَةٍ، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ [2] أَحَدٌ غَيْرُهُ، {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} فَيُطْلِعُهُ عَلَى بَعْضِ عِلْمِ الْغَيْبِ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: "عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ" (سُورَةُ الْجِنِّ الْآيَتَانِ: 26،27) .
وَقَالَ السُّدِّيُّ: مَعْنَاهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ اجْتَبَاهُ، {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ}

[1] ذكره الواحدي بدون سند عن السدي إلى قوله: فبلغ ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقام. . . انظر: أسباب النزول ص (165) وأخرج الإمام أحمد في المسند: 3 / 162 عن أنس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر فلما سلم قام على المنبر. . . دون أن يذكر أن نزول الآية كان عقب ذلك. وأخرجه ابن عبد البر بسنده عن أنس في أسد الغابة: 3 / 212. وانظر: الإصابة لابن حجر: 4 / 57.
[2] ساقطة من (أ) .
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 2  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست