responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 1  صفحه : 326
وَهُوَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِ بِعَطَائِهِ فَيَقُولَ أَعْطَيْتُكَ كَذَا، وَيَعُدُّ نِعَمَهُ عَلَيْهِ فَيُكَدِّرُهَا {وَلَا أَذًى} أَنْ يُعَيِّرَهُ فَيَقُولَ إِلَى كَمْ تَسْأَلُ وَكَمْ تُؤْذِينِي؟ وَقِيلَ مِنَ الْأَذَى هُوَ أَنْ يَذْكُرَ إِنْفَاقَهُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَنْ لَا يُحِبُّ وُقُوفَهُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ سُفْيَانُ: {مَنًّا وَلَا أَذًى} أَنْ يَقُولَ قَدْ أَعْطَيْتُكَ وَأَعْطَيْتُ فَمَا شَكَرْتَ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: كَانَ أَبِي يَقُولُ: إِذَا أَعْطَيْتَ رَجُلًا شَيْئًا وَرَأَيْتَ أَنَّ سَلَامَكَ يَثْقُلُ عَلَيْهِ فَكُفَّ سَلَامَكَ عَنْهُ، فَحَظَرَ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ الْمَنَّ بِالصَّنِيعَةِ، وَاخْتَصَّ بِهِ صِفَةً لِنَفْسِهِ، لِأَنَّهُ مِنَ الْعِبَادِ تَعْيِيرٌ. وَتَكْدِيرٌ وَمِنَ اللَّهِ إِفْضَالٌ وَتَذْكِيرٌ {لَهُمْ أَجْرُهُمْ} أَيْ ثَوَابُهُمْ {عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}
{قَوْلٌ مَعْرُوفٌ} أَيْ كَلَامٌ حَسَنٌ وَرَدٌّ عَلَى السَّائِلِ جَمِيلٌ، وَقِيلَ عِدَةٌ حَسَنَةٌ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: دُعَاءٌ صَالِحٌ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: نَزَلَتْ فِي إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ {وَمَغْفِرَةٌ} أَيْ تَسْتُرُ عَلَيْهِ خَلَّتَهُ وَلَا تَهْتِكُ عَلَيْهِ سِتْرَهُ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَالضَّحَّاكُ: بِتَجَاوُزٍ عَنْ ظَالِمِهِ، وَقِيلَ يَتَجَاوَزُ عَنِ الْفَقِيرِ إِذَا اسْتَطَالَ عَلَيْهِ عِنْدَ رَدِّهِ {خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ} يَدْفَعُهَا إِلَيْهِ {يَتْبَعُهَا أَذًى} أَيْ مَنٌّ وَتَعْيِيرٌ لِلسَّائِلِ أَوْ قَوْلٌ يُؤْذِيهِ {وَاللَّهُ غَنِيٌّ} أَيْ مُسْتَغْنٍ عَنْ صَدَقَةِ الْعِبَادِ {حَلِيمٌ} لَا يُعَجِّلُ بِالْعُقُوبَةِ عَلَى مَنْ يَمُنُّ وَيُؤْذِي بِالصَّدَقَةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ} أَيْ أُجُورَ صَدَقَاتِكُمْ {بِالْمَنِّ} عَلَى السَّائِلِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: بِالْمَنِّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى {وَالْأَذَى} لِصَاحِبِهَا ثُمَّ ضَرَبَ لِذَلِكَ مَثَلًا فَقَالَ {كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ} أَيْ كَإِبْطَالِ الَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ {رِئَاءَ النَّاسِ} أَيْ مُرَاءَاةً وَسُمْعَةً لِيَرَوْا نَفَقَتَهُ وَيَقُولُوا إِنَّهُ كَرِيمٌ سَخِيٌّ {وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} يُرِيدُ أَنَّ الرِّيَاءَ يُبْطِلُ الصَّدَقَةَ وَلَا تَكُونُ النَّفَقَةُ مَعَ الرِّيَاءِ مِنْ فِعْلِ الْمُؤْمِنِينَ وَهَذَا لِلْمُنَافِقِينَ لِأَنَّ الْكَافِرَ مُعْلِنٌ بِكُفْرِهِ غَيْرُ مُرَاءٍ {فَمَثَلُهُ} أَيْ مَثَلُ هَذَا الْمُرَائِي {كَمَثَلِ صَفْوَانٍ} الْحَجَرِ الْأَمْلَسِ، وَهُوَ وَاحِدٌ وَجَمْعٌ، فَمَنْ جَعَلَهُ جَمْعًا فَوَاحِدُهُ صَفْوَانَةٌ وَمَنْ جَعَلَهُ وَاحِدًا فَجَمْعُهُ صُفِيٌّ {عَلَيْهِ} أَيْ عَلَى الصَّفْوَانِ {تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ} الْمَطَرُ الشَّدِيدُ الْعَظِيمُ الْقَطْرِ {فَتَرَكَهُ صَلْدًا} أَيْ أَمْلَسَ، وَالصَّلْدُ الْحَجَرُ الصُّلْبُ الْأَمْلَسُ الَّذِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِنَفَقَةِ الْمُنَافِقِ وَالْمُرَائِي وَالْمُؤْمِنَ الَّذِي يَمُنُّ بِصَدَقَتِهِ وَيُؤْذِي وَيُرِي النَّاسَ فِي الظَّاهِرِ أَنَّ لِهَؤُلَاءِ أَعْمَالًا كَمَا يُرَى التُّرَابُ عَلَى هَذَا الصَّفْوَانِ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بَطَلَ كُلُّهُ وَاضْمَحَلَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا أَذْهَبَ الْوَابِلُ مَا عَلَى الصَّفْوَانِ مِنَ التُّرَابِ فَتَرَكَهُ صَلْدًا {لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا} أَيْ عَلَى ثَوَابِ شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَعَمِلُوا فِي الدُّنْيَا {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخَرَقِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّيْسَفُونِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِيهَنِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكَ الْأَصْغَرَ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ؟ قَالَ "الرِّيَاءُ يَقُولُ اللَّهُ لَهُمْ يَوْمَ يُجَازِي الْعِبَادَ بِأَعْمَالِهِمْ: اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ

نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 1  صفحه : 326
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست