نام کتاب : تفسير البيضاوي = أنوار التنزيل وأسرار التأويل نویسنده : البيضاوي، ناصر الدين جلد : 5 صفحه : 205
لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ قراباتكم. وَلا أَوْلادُكُمْ الذين توالون المشركين لأجلهم. يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ يفرق بينكم بما عراكم من الهول فيفر بعضكم من بعض فما لكم ترفضون اليوم حق الله لمن يفر منكم غداً، وقرأ حمزة والكسائي بكسر الصاد والتشديد وفتح الفاء، وقرأ ابن عامر يُفَصّلُ على البناء للمفعول وهو بَيْنَكُمْ، وقرأ عاصم يَفْصِلُ. وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيجازيكم عليه.
[سورة الممتحنة (60) : الآيات 4 الى 5]
قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنا لاَ تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5)
قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قدوة. اسم لما يؤتسى به. فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ صفة ثانية أو خبر كان ولَكُمْ لغو أو حال من المستكن في حَسَنَةٌ أو صلة لها لا ل أُسْوَةٌ لأنها وصفت. إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ ظرف لخبر كان. إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ جميع بريء كظريف وظرفاء. وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ أي بدينكم أو بمعبودكم، أو بكم وبه فلا نعتد بشأنكم وآلهتكم. وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ فتنقلب العداوة والبغضاء ألفة ومحبة. إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ استثناء من قوله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فإن استغفاره لأبيه الكافر ليس مما ينبغي أن يأتسوا به، فإنه كان قبل النهي أو لموعدة وعدها إياه. وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ من تمام قوله المستثنى ولا يلزم من استثناء المجموع استثناء جميع أجزائه. رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ متصل بما قبل الاستثناء أو أمر من الله للمؤمنين بأن يقولوه تتميماً لما وصاهم به من قطع العلائق بينهم وبين الكفار.
رَبَّنا لاَ تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا بأن تسلطهم علينا فيفتنونا بعذاب لا نتحمله. وَاغْفِرْ لَنا ما فرط منا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ومن كان كذلك كان حقيقاً بأن يجير المتوكل ويجيب الداعي.
[سورة الممتحنة (60) : الآيات 6 الى 7]
لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6) عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7)
لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ تكرير لمزيد الحث على التأسي بإبراهيم ولذلك صدر بالقسم وأبدل قوله: لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ من لَكُمْ فإنه يدل على أنه لا ينبغي لمؤمن أن يترك التأسي بهم، وإن تركه مؤذن بسوء العقيدة ولذلك عقبه بقوله: وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ فإنه جدير بأن يوعد به الكفرة.
عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً لما نزل لاَ تَتَّخِذُوا عادى المؤمنون أقاربهم المشركين وتبرؤوا عنهم، فوعدهم الله بذلك وأنجز إذ أسلم أكثرهم وصاروا لهم أولياء. وَاللَّهُ قَدِيرٌ على ذلك. وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لما فرط منكم في موالاتهم من قبل ولما بقي في قلوبكم من ميل الرحم.