نام کتاب : تفسير البيضاوي = أنوار التنزيل وأسرار التأويل نویسنده : البيضاوي، ناصر الدين جلد : 5 صفحه : 193
الظاهرية، أو معنى بأن يحلف على ما قال وهو قول أبي مسلم أو إلى المقول فيها بامساكها، أو استباحة استمتاعها أو وطئها. فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ أي فعليهم أو فالواجب إعتاق رقبة والفاء للسببية، ومن فوائدها الدلالة على تكرر وجوب التحرير بتكرر الظهار، والرقبة مقيدة بالإيمان عندنا قياساً على كفارة القتل. مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا أن يستمتع كل من المظاهر عنها بالآخر لعموم اللفظ ومقتضى التشبيه، أو أن يجامعها وفيه دليل على حرمة ذلك قبل التكفير. ذلِكُمْ أي ذلكم الحكم بالكفارة. تُوعَظُونَ بِهِ لأنه يدل على ارتكاب الجناية الموجبة للغرامة ويردع عنه. وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ لا تخفى عليه خافية.
[سورة المجادلة (58) : آية 4]
فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (4)
فَمَنْ لَمْ يَجِدْ أي الرقبة والذي غاب ماله واجد. فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فإن أفطر بغير عذر لزمه الاستئناف وإن أفطر لعذر ففيه خلاف، وإن جامع المظاهر عنها ليلاً لم ينقطع التتابع عندنا خلافاً لأبي حنيفة ومالك رضي الله تعالى عنهما. فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أي الصوم لهرم أو مرض مزمن أو شبق مفرط فإنه صلّى الله عليه وسلم رخص للأعرابي المفطر أن يعدل لأجله. فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ستين مداً بمد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو رطل وثلث لأنه أقل ما قيل في الكفارات وجنسه المخرج في الفطرة، وقال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه يعطي كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعاً من غيره، وإنما لم يذكر التماس مع الطعام اكتفاء بذكره مع الآخرين، أو لجوازه في خلال الإطعام كما قال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه. ذلِكَ أي ذلك البيان أو التعليم للأحكام ومحله النصب بفعل معلل بقوله: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، أي فَرضَ ذَلِكَ لتصدقوا بالله وَرَسُولِهِ في قبول شرائعهِ وَرَفْض مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ في جاهليتكم وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ لا يجوز تعديها.
وَلِلْكافِرِينَ أي الذين لا يقبلونها. عَذابٌ أَلِيمٌ هو نظير قوله: وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ.
[سورة المجادلة (58) : الآيات 5 الى 6]
إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (5) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (6)
إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يعادونهما فإن كلاً من المتعاديين في حد غير حد الآخر، أو يضعون أو يختارون حدوداً غير حدودهما. كُبِتُوا أخزوا أو أهلكوا وأصل الكبت الكب. كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعني كفار الأمم الماضية. وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ تدل على صدق الرسول وما جاء به. وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ يذهب عزهم وتكبرهم.
يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ منصوب ب مُهِينٌ أو بإضمار اذكر. جَمِيعاً كلهم لا يدع أحداً غير مبعوث أو مجتمعين. فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أي على رؤوس الأشهاد تشهيراً لحالهم وتقريراً لعذابهم. أَحْصاهُ اللَّهُ أحاط به عدداً لم يغب منه شيء. وَنَسُوهُ لكثرته أو تهاونهم به. وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ لا يغيب عنه شيء.