نام کتاب : تفسير البيضاوي = أنوار التنزيل وأسرار التأويل نویسنده : البيضاوي، ناصر الدين جلد : 5 صفحه : 185
(57) سورة الحديد
مدينة وقيل مكية وآيها تسع وعشرون آية
[سورة الحديد (57) : الآيات 1 الى 2]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2)
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ذكر ها هنا وفي «الحشر» و «الصف» بلفظ الماضي، وفي «الجمعة» و «التغابن» بلفظ المضارع إشعاراً بأن من شأن ما أسند إليه أن يسبحه في جميع أوقاته، لأنه دلالة جِبِلِّية لا تختلف باختلاف الحالات، ومجيء المصدر مطلقاً في «بني إسرائيل» أبلغ من حيث إنه يشعر بإطلاقه على استحقاق التسبيح من كل شيء وفي كل حال، وإنما عدي باللام وهو متعد بنفسه مثل نصحت له في نصحته إشعاراً بأن إيقاع الفعل لأجل الله وخالصاً لوجهه. وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ حال يشعر بما هو المبدأ للتسبيح.
لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فإنه الموجد لهما والمتصرف فيهما. يُحْيِي وَيُمِيتُ استئناف أو خبر لمحذوف أو حال من المجرور في له وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الإِحياء والإِماتة وغيرهما. قَدِيرٌ تام القدرة.
[سورة الحديد (57) : الآيات 3 الى 4]
هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4)
هُوَ الْأَوَّلُ السابق على سائر الموجودات من حيث إنه موجدها ومحدثها. وَالْآخِرُ الباقي بعد فنائها ولو بالنظر إلى ذاتها مع قطع النظر عن غيرها، أو هُوَ الْأَوَّلُ الذي تبتدأ منه الأسباب وتنتهي إليه المسببات، أو الْأَوَّلُ خارجاً والْآخِرُ ذهناً. وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ الظاهر وجوده لكثرة دلائله والباطن حقيقة ذاته فلا تكتنهها العقول، أو الغالب على كل شيء والعالم بباطنه والواو الأولى والأخيرة للجمع بين الوصفين، والمتوسطة للجمع بين المجموعين. وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ يستوي عنده الظاهر والخفي.
هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ كالبذور.
وَما يَخْرُجُ مِنْها كالزروع. وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ كالأمطار. وَما يَعْرُجُ فِيها كالأبخرة. وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ لا ينفك علمه وقدرته عنكم بحال. وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيجازيكم عليه، ولعل تقديم الخلق على العلم لأنه دليل عليه.