نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 3 صفحه : 293
وقوله تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ وُصِفَ عليه السلام بالحِلْمِ، لأنه لم يغضَبْ قطُّ لنفسه إِلاَّ أَنْ يغضب للَّه، وأمْرُهُ بالإِعراض عن المُجَادلة يقتضي أنها إِنَّما كانَتْ في الكفرة، حرصا على إسلامهم، وأَمْرُ رَبِّكَ واحدُ الأمور، أي: نفذ فيهم قضاؤُهُ سبحانه، وهذه الآية مقتضيةٌ أنَّ الدعاء إِنما هو أنْ يوفِّق اللَّه الداعِيَ إِلى طَلَب المَقْدور، فأما الدُّعاء في طَلَبِ غير المقدورِ، فغير مُجْدٍ ولا نافع.
ت: والكلام في هذه المسألة متَّسعٌ رَحْبٌ، ومن أحسن ما قيل فيها قولُ الغَزَّالِيِّ في «الإِحياء» : فإِنْ قلت: فما فائدة الدعاء، والقضاء لا يرد؟ فالجوابُ: أَنَّ من القضاءِ رَدَّ البلاءِ بالدعاءِ، فالدعاءُ سَبَبٌ لردِّ البلاء، واستجلاب الرحمة كما أن التُّرْسَ سبَبٌ لردِّ السهم، والماء سبَبٌ لخروجِ النباتِ، انتهى. وقد أطال في المسألة، ولولا الإِطالة لأَتَيْتُ بِنُبَذٍ يثلج لها الصِدْرُ، وخرَّجَ الترمذيُّ في «جامعه» عن أبي خزامة، واسمه رفاعة، عن أبيه، قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: يا رسول/ الله، أرأيت رقى نسترقيها، ودواء نتداوى به، وتقاة نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال: «هي من قدر اللَّهُ» [1] ، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، وفي بعض نُسَخِهِ: حسنٌ صحيحٌ، انتهى.
فليس وراء هذا الكلام من السيِّد المعصوم مرمًى لأَحدٍ، وتأمَّل جواب الفارُوق لأبِي عُبَيْدة، حِينَ هَمَّ بالرجوعِ مِنْ أجْلِ الدخول علَى أرض بها الطاعون، وهي الشام [2] . [1] أخرجه الترمذي (4/ 399- 400) كتاب «الطب» باب: ما جاء في الرقى والأدوية، حديث (2065) ، وابن ماجه (2/ 1137) كتاب «الطب» باب: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، حديث (3437) ، كلاهما من طريق الزهري، عن أبي خزامة عن أبيه، به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، ولا نعرف لأبي خزامة عن أبيه غير هذا الحديث. وأخرجه الحاكم (4/ 402) ، والطبراني في «الكبير» (3/ 214- 215) رقم: (3090) من طريق صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن عروة، عن حكيم بن حزام به، وسكت عنه الحاكم والذهبي، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (5/ 88) ، وقال: رواه الطبراني، وفيه صالح بن أبي الأخضر، وهو ضعيف، يعتبر حديثه. [2] هذا القول ورد في حديث صحيح، أخرجه البخاري (10/ 189) كتاب «الطب» باب: «ما يذكر في الطاعون» رقم: (5729) .
من حديث ابن عباس رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام حتى إذا كان يسرع لقيه أمراء الأجناد، أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام- قال ابن عباس: فقال عمر: «ادع لي المهاجرين الأولين، فدعاهم فاستشارهم، فأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام، فاختلفوا عليه.
قال بعضهم: قد خرجت لأمر ولا نرى أن ترجع عنه. -
نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 3 صفحه : 293