نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 3 صفحه : 277
أُولَئِكَ الثَّلاَثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ، ثُمَّ قرأ قوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيها» [1] ، أي: في الدنيا وهذا نصٌّ في مراد الآية، واللَّه أعلم. انتهى.
وحَبِطَ: معناه: بَطَلَ وسَقَط، وهي مستعملةٌ في فَسَاد الأعمال.
قال ص: قوله: مَا صَنَعُوا: «ما» بمعنى: «الَّذِي» ، أو مصدريةٌ، و «فيها» :
متعلِّقٌ ب «حَبِطَ» ، والضمير في «فيها» عائدً على الآخرة، أي: ظهر حبوطُ ما صَنَعُوا في الآخرة، أَو متعلِّق ب «صَنَعُوا» فيكون عائداً على الدنيا. انتهى.
و «الباطل: كُلُّ ما تقتضي ذاتُه أَلاَّ تُنَال به غايةٌ في ثوابٍ ونحوه، وقوله سبحانه:
أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ: في الآية تأويلات.
قال ع [2] : والراجحُ عندِي مِنَ الأقوال في هذه الآية: أَنْ يكون «أَفَمَن» للمؤمنين، أو لهم وللنبيّ صلّى الله عليه وسلّم معهم، والبينة: القرآن وما تضمّن، والشاهد:
الإِنجيلُ، يريد: أَو إِعجاز القرآن في قولٍ، والضميرُ في «يتلوه» للبيِّنة، وفي «منه» للربِّ، والضميرُ في «قبله» للبينة أيضاً، وغير هذا مما ذُكِرَ محتملٌ، فإِن قيل: إِذا كان الضمير في «قَبْله» عائداً على القُرْآنِ، فَلِمَ لَمْ يذْكَر الإِنجيل، وهوَ قبله، وبَيْنَه وبَيْن كتاب موسَى؟، فالجوابُ: أنه خَصَّ التوراة بالذكْرِ لأنه مجمَعٌ عليه، والإِنجيل ليس كذلك لأن اليهود تخالِفُ فيه، فكان الاستشهاد بما تقُومُ به الحجَّةُ على الجميع أولَى، وهذا يجري مَعَ قولِ الجنِّ: إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى [الأحقاف: 30] والْأَحْزابِ هاهنا يُراد بهم جميعُ الأُمَمِ، وروى سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ، عن أبي موسى الأشعريّ، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أَنه قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَسْمَعُ بِي مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ وَلاَ مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى ثُمَّ لاَ يُؤْمِنُ بي إِلاَّ دَخَلَ النَّار» [3] ، قال سعيدٌ: فقلْتُ: أَيْنَ مِصْدَاقُ هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ حَتَّى وَجَدتُّهُ فِي هَذِهِ الآيةِ، وكنت إذا سمعت حديثا عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طَلَبْتُ مِصْدَاقَهُ في كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ [4] ، وقرأ [1] أخرجه الترمذي (4/ 591، 593) كتاب «الزهد» باب: ما جاء في الرياء والسمعة، حديث (2382) من حديث أبي هريرة مرفوعا.
وقال الترمذي: حديث حسن غريب. [2] ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 157) . [3] تقدم تخريجه. [4] ذكره من هذا الوجه السيوطي في «الدر المنثور» (3/ 587) ، وعزاه إلى سعيد بن منصور، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه.
نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 3 صفحه : 277