responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد    جلد : 3  صفحه : 187
قال الفَخْرُ [1] : أمَّا كون كثرة الأموال والأولادِ سَبَباً للعذاب في الدنيَا، فحاصَلٌ من وجوه: مِنْهَا: أن كلَّما كان حُبُّ الإِنسان للشيء أَشَدَّ وأقوَى، كان حزنُهُ وتألُّم قلبِهِ علَى فراقه أعظَمَ وأصعَبَ، ثم عند الموتِ يَعْظُمُ حزنه، وتشتدُّ حسرته، لمفارقته المحبوبَ، فالمشغوفُ بحبِّ المال والولدِ لا يزالُ في تَعَبٍ، فيحتاج في اكتساب الأموالِ وتحصيلها إِلى تعبٍ شديدٍ ومشقَّة عظيمةٍ، ثم عند حصولِهَا يحتاجُ إِلى متاعِبَ أَشدَّ وأصعَبَ في حفظها وصونِها لأن حفظ المَالِ بَعْد حصوله أصْعَبُ من اكتسابه، ثم إِنه لا ينتفع، إِلاَّ بالقليلِ مِنْ تلك الأموال، فالتعبُ كثيرٌ، والنفعُ قليلٌ، ثم قالَ: واعلم أنَّ الدنْيَا حلوةٌ خَضِرةٌ، والحواسُّ الخمسُ مائلةٌ إِليها، فإِذا كَثُرت وتوالَتْ استغرقت فيها، وانصرف الإِنسان بكلِّيته إِليها، فيصير ذلك سبباً لحرمانه من ذكْرِ اللَّهِ، ثم إِنه يحْصُلُ في قلبه نَوْعُ قسوةٍ وقوةٍ وقهْرٍ، وكلَّما كان المال والجاهُ أَكثر، كَانَتْ تلك القسوةُ أَقوَى، وإِلى ذلك الإِشارةُ بقوله تعالى:
إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى [العلق: 6، 7] فظهر أن كثرة الأموال والأولاد سَبَبٌ قويٌّ في زوال حُبِّ اللَّه تعالى وحبِّ الآخرة مِنَ القَلْبِ، وفي حصول الدنْيَا وشهواتِهَا في القَلْبِ، وعنْدَ الموت: كأَنَّ الإِنسان ينتقلُ من البستان إلى السِّجْن، ومِنْ مجالسة الأقرباءِ والأحبَّة إِلَى موضعِ الغُرْبَة والكُرْبة، فيعظُمُ تألمُّه، ويقوَى حزنه، ثم عند الحَشْر: حَلاَلُهَا حسابٌ، وحرامُها عِقَابٌ، فثبت أن كثرة الأمْوَالِ والأولادِ سَبَبٌ لحصولِ العَذَاب في الدُّنْيا والآخرة. انتهى.
ثم أخبر سبحانه أنهم ليسوا مِنَ المؤمنين، / وإِنما هم يَفزَعُونَ مِنْهم، والفَرَقُ:
الخوف.
وقوله سبحانه: لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً: الملجأ مِنْ لَجَأَ يَلْجَأُ، إِذا أَوَى واعتصم، وقرأ الجمهور: «أَوْ مَغَارَاتٍ» - بفتح الميم [2] -، وهي الغيران في أعراض الجبالِ، أَوْ مُدَّخَلًا، معناه: السَّرَبُ والنَّفَقُ في الأرض، وهو تفسير ابن عبَّاس [3] في هذه الألفاظ، وقرأ جمهور الناس: «يَجْمَحُونَ» : ومعناه يسرعون.

[1] ينظر: «تفسير الرازي» (16/ 75) .
[2] ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 46) ، و «البحر المحيط» (5/ 56) ، و «الدر المصون» (3/ 474) .
[3] أخرجه الطبري (6/ 392) برقم: (16823- 16824) ، وابن عطية (3/ 46) ، وذكره ابن كثير (2/ 363) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (3/ 447) ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.
نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد    جلد : 3  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست